أمل خضر تكتب رسائل ملك
يجب ألا تكون البيروقراطية سبباً في تأخير الإنجاز.
رسالة حملت في طياتها آمال وطموحات ملك رفعت له القبعات، وانحنت له الهامات، لحكمته، وحنكته، وكل يوم نعيشه يؤكد شجاعة قائدٕ ذي رؤية ثاقبة، وصاحب قرار وموقف ثابت، ففي كل حرف من رسائله خارطة إصلاح كل ما تحتاجه مسؤولا يكون أهلا لثقة قائد همه وطنه وأمته.
فما حملته كلماته في اجتماعه في دار رئاسة الوزراء، إشارة إلى ضرورة ألا تكون البيروقراطية سببا في تأخير الإنجاز، وضرورة تواصل المسؤولين ميدانيا مع المواطنين، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فضلا عن العمل بروح الفريق.
مؤكدا جلالته أن الأردن عاصر كثيرا من الظروف الإقليمية التي كان لها انعكاسات على اقتصاده، لكنه تخطاها، وخرج منها أقوى، مشددا جلالته خلال الجلسة كذلك على ضرورة مضاعفة الجهود هذا العام، خاصة في ظل الظروف الإقليمية التي من الممكن أن يكون لها تأثير سلبي.
وكان ذلك بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، مع التأكيد على شراكة و أهمية دور القطاع الخاص في تنفيذ المشروعات الكبرى، داعيا المستثمرين لتعزيز مساهمتهم في نهضة الاقتصاد الوطني، باعتبارهم جزءا أساسيا منه.
وبين جلالة الملك أهمية ترويج الفرص الاستثمارية في الأردن، بما ينعكس على تحسين أرقام الاستثمار الخارجي، وأشار الملك إلى ضرورة مواصلة التعاون بين الوزارات المختلفة، وتعزيز دور المساءلة، ومحاسبة المقصرين بغض النظر عن مواقعهم.
تلك الرسائل استوقفتني، وخصوصا ما نلمسه كمواطنين مع الأسف من تقصير بعض المسؤولين، ولن أكون ظالمة، فهناك من هو أهلٌ لثقة القائد، ويعمل جاهدا على ترجمة تلك الرسائل وبشكل فعال، مؤمنا بكل حرف تحمله رسائل جلالته لحبه لارضه وبلده وشعبه. وأنه سيفٌ ودرعٌ متينٌ، لبناء ما يطمح له ملك يستحق أن نكون على قدر أمله، وطموحه باقتصاد قوي ينعش الحياة السياسية والاجتماعية، منعكسا على المستوى المعيشي للأفراد والمجتمع والدولة.
فما يؤلمني ما نجده ونعيشه بالاتجاه المعاكس لمسؤول يقبع في خندق بمكتب مشيد بحواجز وأبواب سبع، وكأنك تحتاج إلى سنوات لتستطيع اجتيازها لتوصل كلمة أو مظلمة أو اقتراح أو أين كان. أسوار لا تخترق ولا تسمع صوت مظلوم أو متظلم، يحاسِبون ولا يحاسَبون، محاولين قتل كل أمل فينا، لا يعلمون أننا جبلنا بتراب وطين أرض الهواشم، وأننا شعب يعشق كل ذرة من هواء أردن الهواشم.
فيا سيدي، البيروقراطية الإدارية بمفهومهم، والفساد، وقتل الكفاءة، وعدم العدالة والمساواة، توجع كل قلبٕ ينبضُ بهواكم، وهواء أردن النشامى والعز.
وللبيروقراطية الحديثة أهمية في المنظمات العامة والخاصة، وهي أهمية تزداد مع تقدم المجتمع وزيادة الكثافة السكانية؛ فمن المستحيل على الحكومات تقديم الخدمات لمواطنيها دون اللجوء للنظام البيروقراطي، وهو الأمر الذي ينطبق على جميع المنظمات الربحيّة التي تعتمد في تعاملاتها المختلفة على البيروقراطية، وذلك من خلال وجود نظام يحدد الصلاحيات والمسؤوليات بوضوح، ويفصل بين الملكية الخاصة وممتلكات المنظمة، ويعتمد على التعيين في المناصب بناء على الخبرة والمؤهلات، ونحو ذلك من السمات التي تحقق السرعة والدقة والإنجاز، بغض النظر عن الاعتبارات العاطفية والجوانب الشخصية.
وعلى الرغم من سهولة تسليط سهام اللوم والنقد على البيروقراطية، خاصة في القطاع الحكومي، كما يشيع كثيرًا في الصحف وغيرها؛ بذريعة أنها سبب تعطيل الأعمال، لكن من الصعوبة على المنتقدين تقديم بديل فعّال لإدارة الأعمال في المنظمات العامة والخاصة.
وفي حقيقة الأمر يعود أحد أهم أسباب تعطيل الأعمال في المنظمات عمومًا إلى عدم الالتزام بالاعتبارات الرئيسية للبيروقراطية، كالتعيين والولاء الإداري؛ بناءً على العلاقات الشخصية والاجتماعية، وعدم الفصل بين الأشخاص وبين الأنظمة الرسميّة التي تحكم سير العمل، ونحو ذلك من العوامل المكونة بطبيعتها للفساد التنظيمي.
وللبيروقراطية أهمية كبيرة في عصرنا، لأنها تحد من الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين العاملين في المنظمة، وهي ما أسماه ماكس فيبر بـ”leveling of economic and social differences”. وهذا غير مستغرب؛ لأنها في الأصل نظام قانوني عقلاني يعتمد في جوهرة الكفاءة والمساواة، أو حسب تعبير “فيبر” إتاحة الفرص للجميع للتوظيف “universal accessibility of office” بغض النظر عن الخلفيات الاجتماعية للمتقدمين للعمل. فليس هناك مميزات موروثة، أو اعتماد على الحالات الفرديّة في أداء العمل، بل هناك تعيين أساسه الجدارة والمساواة التامة أمام سلطة القانون.