مصحفٌ غير تقليدي بخطٍ عربي مميز على الطراز “الصيني” يطرح للبيع في معرض أبوظبي الدولي للكتاب
تعود دار بيع الكتب النادرة الرائدة في لندن، بيتر هارينجتون، هذا العام بمجموعة استثنائية من المخطوطات النادرة؛ تتضمن نسخةً صينيةً من القرآن الكريم مكتوبةٌ بأسلوبٍ غير معتاد تعود إلى القرن السابع عشر الميلادي، وذلك خلال مشاركة الدار في معرض أبو ظبي الدولي للكتاب.
المخطوطة القرآنية تعود للفترة ما بين أواخر عهد أسرة مينغ وأوائل عهد أسرة تشينغ، وتتألف من ثلاثين مجلداً مزخرفة بشكلٍ جذاب، وهي نموذجٌ مهمٌ من الكتب الإسلامية التي ازدهرت طباعتها في الصين آنذاك باستخدام النمط الصيني للخط العربي. تشير هذه النسخة الفريدة من القرآن الكريم إلى حركة التبادل الثقافي النشطة بين شرق وغرب آسيا خلال فترة النهضة. سيتم عرض هذه النسخة من القرآن الكريم للبيع بمبلغ 65,000 جنيه استرليني (300,000 درهم إماراتي تقريباً).
تاريخياً، وصل التجار المسلمون للمرة الأولى إلى الأراضي الصينية بعد ظهور الإسلام بفترةٍ قصيرة، حيث كانوا يسافرون على طول طريق الحرير وطريق التوابل البحري من سواحل الخليج العربي. وقد ظهرت المجتمعات المستقرة لأول مرة في عهد أسرة يوان (1271–1368)، حيث شكل الاتحاد السياسي بين شرق وغرب آسيا خلال الحكم المغولي محفزاً للناس على الهجرة بين المنطقتين. فبحلول منتصف القرن الرابع عشر، تطورت طباعة المصحف الشريف في الصين، وارتقى الاهتمام بزخرفته وإبرازه بأجمل صورة ممكنة إجلالاً لمكانته العالية في قلوب المسلمين. ويحتوي المجلد التاسع من المجموعة على ملاحظةً باللغة الفارسية، فيما يبدو أنه تواصلٌ بين الحرفيين الصينيين ونظرائهم في غرب آسيا خلال صياغتهم لهذه النسخة من القرآن الكريم.
يتألق غلاف المجلد الأول بتصميمٍ أنيقٍ يزدهي باللونين الذهبي والأسود تتخللها زخارف صينية؛ تشمل زهرة اللوتس وشبكة من الزهور رباعية الرؤوس، في حين تكتمل صفحات المجلد باللونين الأحمر والأسود بخطٍ فريدٍ وزخارف نباتيةٍ ملتفة.
وفي بقية المجلدات، تم استخدام الحبر الأحمر في تحديد السور والآيات والتصحيح العرضي. العديد من المجلدات تتضمن ملاحق لأدعية، ويحتوي بعضها تعليقات توضيحية على الغلاف والصفحات الأولى.
كل مجلدٍ يتضمن مصطلحاتٍ جذابة على الأغلفة. وقد تم نسخ بعض الصفحات، والمجلد الثلاثين بأكمله، بخط اليد بأسلوبٍ شبه معاصر مفعمٍ بالمهارة.
يقول بوم هارينجتون، مالك دار بيتر هارينجتون “يعود تاريخ هذه المخطوطة إلى فترة التبادل الثقافي المتدفق، وهي تعد نموذجاً واضحاً للانتشار الواسع للنصوص الدينية المعدة بحرفية عالية في ذلك الوقت. هذه المجموعة بلا شك من أجمل نسخ القرآن الكريم التي تمت كتابتها بأسلوبٍ يجمع فنون الكتابة الإسلامية والصينية في آنٍ معاً”.
هذا، وتشارك دار بيتر هارينجتون بانتظامٍ في معرض أبوظبي الدولي للكتاب منذ عام 2016 في تجسيدٍ لالتزامها الراسخ تجاه سوق الشرق الأوسط، الذي يشكل حوالي 10% من مبيعات الدار العالمية.
وتعد الإمارات العربية المتحدة المساهم الرئيسي في إثراء أعمال بيتر هارينجتون في الشرق الأوسط، حيث توفر مجتمعاً متنامياً من هواة جمع الأعمال الفنية في المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى، إذ شهدت الدار مؤخراً عملياتٍ استحواذٍ على العديد من الأعمال الفنية المتفردة بالمنطقة من الكتب الخاصة التي تقدر قيمتها بآلاف الدراهم إلى المجموعات المرتبة بدقة التي تصل قيمتها للملايين.
وتشهد عمليات الدار بالمنطقة نمواً ملموساً باستمرار، إلى جانب المنشورات الغربية الرائدة التي تشمل مجموعة واسعة من الموضوعات التي ترصد تاريخ الأفكار في الاقتصاد والتطور والأعمال التاريخية المميزة، والتي ما تزال تحظى باهتمام المشترين في المنطقة. يذكر أن عمليات الاستحواذ المؤسسية تؤدي لزيادة الطلب على الأعمال النادرة في مجالات محددة، بما في ذلك النسخ النادرة من التقارير، والوثائق المنسية، وغيرها من السجلات التاريخية التي تسرد مسيرة تكوين العنصر الإنساني، وبناء الحضارات في حوض الخليج العربي.
ومن المقرر أن تعرض دار بيتر هارينجتون مقتنياتها في الجناح رقم8E18 بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب، حيث يتوقع أن تستقطب هذه النسخة الاستثنائية من المصحف الشريف حضوراً واسعاً، حيث تسلط الضوء على الإرث الخالد للتبادل الثقافي بين شرق وغرب آسيا.