التربية والتعليم ومستقبل الدولة الأردنية؛ أمام سمو ولي العهد
كتب أ.د. محمد الفرجات
بعد نحو عقد ونصف إلى عقدين من الزمن سيحل طلبة المدارس الأردنية مكان جيل من يعملون اليوم بالمدارس والجامعات والوزارات والمؤسسات والمستشفيات والقطاعات المختلفة (صناعية وزراعية وتجارية وسياحية ومعلوماتية وخدمية وغيرها)، تماما كما حللنا نحن جيل مدارس الثمانينات والتسعينات مكان جيل تقاعد، كانوا يديرون البلاد ويشغلون كافة القطاعات من مواقعهم المختلفة، رحم الله من قضى منهم والعمر المديد والصحة لمن ما زال على قيد الحياة.
هذه هي سنة الحياة، وجيل يسلم إلى جيل، والمعادلة تتطلب أن يكون الجيل الذي يأتي أقوى وأكثر خبرة وعلم ومقدرة من الجيل الذي قبله، لنحافظ على مكانتنا ونتطور وننافس، في عالم لا بقاء فيه للضعيف.
الجيل القادم سيواجه شح المياه وآثار التغير المناخي والكوارث الطبيعية والحروب والمديونية وتحديات سياسية وتنموية كبيرة جدا.
للأسف فأطفالنا الصغار الذين باتوا أسرى التكنولوجيا والتابلت والبليستيشن وغيرها، سيعانون هشاشة العظام وضعف البنية الجسدية وتقلص المقدرات الاجتماعية والتواصلية وحتى العقلية، مع نوع من الإنطوائية والسلبية.
بالأمس أثرت تساؤلا على كل وسائل التواصل الإجتماعي التي أستطيع الوصول إليها جاء فيه:
“كيف تقيمون برامج وحصص الرياضة المدرسية في الأردن؟ هل تؤدي دورها بصقل الشباب وبناء جيل قوي صحيا وعقليا؟”
وكان قد لاقى إهتماما كبيرا وإجابات كثيرة، وكانت الإجابات مؤلمة حقا؛ فالرياضة المدرسية لا تتجاوز حصة فراغ أو كرة تقذف من معلم الرياضة للطلبة، يلعب من يلعب ويغادر من يغادر، بينما في مدارس الإناث تكاد أن تنعدم حصة الرياضة.
الرياضة في سن الطفولة والمراهقة (أي خلال المرحلة العمرية للطالب في المدرسة) مهمة جدا للنمو والصحة البدنية والعقلية وإكتمال النمو وغرس أهمية عمل الفريق، وتزويد الجسد بجهاز مناعة مقاوم للأمراض وقوي، والأمر مهم جدا لأبنائنا للذكور والإناث على حد سواء.
عندما نعد جيلا قويا صحيا وجسديا وعقليا ومبادرا وإيجابيا، محبا للتعليم والإبتكار والتحديث والتطوير والاستعداد للشراكة وعمل الفريق الواحد، فإننا نعد جيلا قادرا على مواجهة القادم، لا جيلا ضعيفا يخرج الأجيال الأضعف فننقرض لأننا لا نتطور.
الدولة هي الشعب والأرض والحكومة والقانون، ويجب أن نحرص على نوعية وجودة ومخرجات التعليم المدرسي كل الحرص، حتى يكون شعبنا العزيز بأجياله القادمة قويا قادرا على حمل اللواء، يواجه القادم الصعب ويستديم الدولة ويحافظ على ما حافظ عليه الآباء والأجداد.
الأمر ذاته بالنسبة للرياضة المدرسية قد ينطبق ببعض الحالات على المختبرات المدرسية، الحديقة المدرسية، المناهج المدرسية، بيئة المدارس، تجهيزات المدارس، تطوير المعلم، تطوير الإشراف التربوي والعلمي، تطوير الإدارات المدرسية، تطوير التواصل المدرسي مع الأسرة، تطوير الإرشاد النفسي المدرسي، والاعلام التربوي،… إلخ.
الطابور الصباحي مهم جدا بكل مكوناته؛ الإذاعة، رياضة الصباح، الإعلام المدرسي.
طريقة وصول الطالب للمدرسة ومغادرتها والحرص على سلامته أمر مهم جدا، وهي عملية تشاركية بين وزارة التربية والتعليم والأمن العام والسير ووزارة النقل، وكل من يعنى بالبنى التحتية والأرصفة وممرات المشاة من السلطات المحلية ووزارة الأشغال.
روح المبادرة وحب العطاء والقيم الوطنية وتنمية روح القيادة في فريق التربية والتعليم مهم، فنريد تخريج جيل قوي صاعد متزن ومبتكر ومبادر، وليس جيلا ملقن ضعيف.
قد تكون المبادرات والأنشطة التي تغطى إعلاميا غير كافية ولا تصل كل مدارس المدن والقرى والبوادي والأرياف.
سمو ولي العهد بالتأكيد يهتم بهذا الجيل، لأنه الجيل الذي سيكمل معه مسيرة البناء.