الشاعرة سارة طالب السهيل في حوار إنساني: المرأة نسمة الحياة في صيف قائظ الحرارة
حوار مع سمو الشيخه الكاتبة والشاعرة سارة بنت طالب بنت السهيل مع وكالة الفرات
الشاعرة والكاتبة سارة طالب السهيل هي حالة متميزة وفريدة للمرأة الأديبة بمنطقة الشرق الأوسط، بما تملك من خبرات عديدة نتاج بيئات مختلفة عاشت فيها أثرت وتأثرت بها.
السهيل، ووالدتي ابنة الطبيب والنائب والسياسي الدكتور علي بدرالدين. وأسرتي واصلت العمل العام والسياسي بعد استشهاد والدي، لكني هويت الأدب والفنون منذ نعومة أظافري ربما بسبب نشأتي في منزل كان صالوناً ثقافياً يفد إليه كبار المثقفين والمبدعين، ومكتبتنا الزاخرة بكنوز المعارف والآداب. وقد حرصت والدتي على تسليحي بالثقافة وتنمية ذائقتي بالإبداعات الأدبية والفنية المختلفة، فاتجهت في مرحلة التعليم الأساسي لكتابة الشعر الوطني والحماسي، ثم تطورت التجربة إلى ديوان شعري في الآخر، وكنت أظن أن الشعر قد تملكني دون غيره من الفنون الأدبية لكن سرعان ما اكتشفت عشقي لأدب الطفل، وبحثت عن طفولتي بداخلي فوجدتني أكتب قصصاً للأطفال مع الوقت اتجهت لكتابة القصة والمقال النقدي وغيرها.
*أنت عراقية وولدت في الأردن ودرست في مدرسة الراهبات الوردية ودرست في بريطانيا، كيف انعكست هذه التجارب البيئة المختلفة عليك؟
– بالطبع كل تجربة ولها انعكاساتها على عقل الإنسان وقلبه وروحه، فجذوري العراقية تنبش في حضارة أعظم حضارة في العالم حضارة بلاد الرافدين التي شيدت أول إمبراطورية وأول كتابة أو نظام قانوني، وأول ظهور للمدينة، لقد كان العراق الأول في كل شيء بل وحكم العالم مرتين لا مرة، وكيف تسري بداخلي جينات هذه الحضارة متمثلة في قيم أخلاقية متوارثة من عزة نفس ونبل ومروءة وشجاعة ومساعدة المحتاج وغيرها، ومن قيم التزود الدائم بالعلم ومخالفة الثوابت الراكدة كالموروثات التي تحط من شأن المرأة وتقهر إنسانياتها، بينما حضارة العراق انتصرت للمرأة الربة والكاهنة والشاعرة وأعلت من شأنها. وميلادي بالأردن وطني أيضاً حيث موطن عربي أخر لتعاقب الحضارات القديمة والثقافات وأتاح مولدي بالأردن ونشأتي فيه فرصة الانتماء للعروبة ككل وللإنسانية أيضاً، فالأردن وطن احتضن العديد من الجنسيات الفارة من الحروب بجانب السوريين والفلسطينيين وغيرهما، وهو ما شكل فكري ووجداني نحو معطى الإنسانية الواحدة التي لا تميز بين شرقي أو غربي رغم انتمائي لوطني الأردني. وكان لدراستي بمدرسة الراهبات الوردية بالأردن أثراً عميقاً في انصرافي المبكر عن أي تعصب مذهبي أو طائفي ديني أو سياسي، ففي هذه المدرسة تعلمت من الراهبات الكثير من القيم كالصدق والوفاء بالعهد وتحمل المسئولية، والثقة بالنفس واحترام الآخر، وهذه القيم شكلت فكري في المستقبل وأيضاً توجهاتي وقناعاتي الفكرية أثناء الكتابة.
محاربة بالقلم ينتقد ويوجه المجتمع لمشكلات حقيقية يتخطاها قبل أن تكبر وتصبح كوارث في المستقبل.
الكاتبة والأديبة قد تمارس أدوارها الطبيعية في رعاية أسرتها واهتمامها بأنوثتها ولكن بعيداً عن المبالغة، بينما تمتلك من المواهب الربانية ما يمكنها من المجتمع والتعبير عن قضاياه الخطيرة المسكوت عنها وتستخدم قلمها كمشرط الجراح في كشف الزيف والظلم بالمجتمع وتعرية جوانبه السلبية المدمرة للإنسان وأمنه الفكري والعقائدي والنفسي. إن المرأة الكاتبة تمتلك شجاعة نفسية عالية في البوح عن أوجاع المجتمع والبحث عن دواء شافي له مقارنة بالنساء الأخريات اللواتي يخشين مواجهة المجتمع حتى لا يخسرن علاقتهن الاجتماعية. ولذلك وجدن كثير من المبدعات في الشرق والغرب قد كبتن إبداعهن بأسماء ذكورية مستعارة خوفاً من بطش المجتمع مثل الأختين برونتي (تشارلوت وإيميلي) كتبتا تحت اسم إليس بيل، ومي زيادة كتب تحت اسم خالد رأفت، والروائية الإنجليزية ماري آن إيفانس والتي عاصرت مي زيادة أدرجت كتاباتها تحت اسم جورج إليوت وكلهن في هذه الأزمنة كن يخشين من عدم قبول المجتمع إبداعهن وأفكارهن فقط لأنها صادرة عن نساء. والمرأة الأدبية التي تكتب للأطفال فهي تربي أجيالاً وتغرس القيم والأخلاق والفكر في عقول أجيال المستقبل.
*هذا يجعلني اسألك، لماذا كان لديكي اهتماماً خاصاً بأدب الطفل؟
وتصبح المرأة أول لاجئ فاراً من نيران الحروب بصحبة أطفال لا حول لهم ولا قوة ولا معين سوى عون الله لهم فيما يواجهونه من أهوال ومصائب. فبقدر ما حققت المرأة العربية من إنجازات دفعت ثمن الحروب غالياً من روحها ودمها وأمنها واستقرارها وسعادتها.