العالم يشهد ولادة عاصمة جديدة اليوم.. نوسانتارا مدينة يصفها مخططوها بـ”الاسفنجية
تشرع إندونيسيا هذا الأسبوع في تنفيذ خطة طال انتظارها لنقل عاصمتها من جاكرتا إلى مدينة جديدة تُدعى نوسانتارا في جزيرة بورنيو، وذلك بسبب المخاطر التي تواجهها العاصمة الحالية، والتي يُنظر إليها كأسرع مدينة غارقة في العالم.
لطالما كان موضوع نقل العاصمة محور نقاشات طويلة في إندونيسيا، الدولة التي تتألف من أكبر أرخبيل في العالم. ومع ذلك، أصبح الحلم حقيقة هذا الأسبوع حيث سيقوم الرئيس الإندونيسي، جوكو ويدودو، باحتفالات عيد الاستقلال في نوسانتارا يوم السبت.
وقد اعتبرت صحيفة “واشنطن بوست” أن اختيار هذه الأرض، التي تتميز بغاباتها الكثيفة في جزيرة مشهورة بوجود قردة إنسان الغاب، كموقع لبناء العاصمة الجديدة، هو خيار غير تقليدي. لكن بالنسبة لإندونيسيا، فإن الطبيعة البكر لنوسانتارا فاقت مزايا جاكرتا، المدينة المهددة بالغرق.
تعتبر جاكرتا، التي تقع على جزيرة جاوة، العاصمة منذ استقلال إندونيسيا عن هولندا في 17 أغسطس 1945. ومنذ ذلك الحين، نمت المدينة لتصبح موطناً لأكثر من 10.5 مليون نسمة، بينما يعيش نحو 30 مليون آخرين في المناطق الحضرية المحيطة بها.
لكن المدينة تواجه تحدياً كبيراً مع تسارع معدلات الغرق، حيث تشير تقديرات الخبراء إلى أن أجزاء من جاكرتا قد تصبح غير قابلة للسكن أو معرضة للفيضانات المستمرة بحلول عام 2030.
في عام 2022، شددت مؤسسات حكومية على أن نقل العاصمة أصبح “ضرورة حتمية” نظراً للضغط الهائل الذي تتحمله جاكرتا وجزيرة جاوة بشكل عام، بفعل عوامل مثل الازدحام المروري الحاد، التلوث البيئي، والكثافة السكانية العالية.
وتطمح إندونيسيا إلى إحداث تغيير جذري في اقتصادها من خلال هذا المشروع الطموح، حيث ترى غرفة التجارة والصناعة أن هذا الانتقال سيُسهم في تحقيق رؤية “إندونيسيا الذهبية 2045″، التي تسعى إلى تحويل إندونيسيا إلى دولة متقدمة بحلول عام 2045، بالتزامن مع الذكرى المئوية لاستقلالها.
ويؤكد الرئيس ويدودو أن العاصمة الجديدة جزء لا يتجزأ من “الاستراتيجية الكبرى لإندونيسيا”، والتي تهدف إلى تطوير نوسانتارا كمدينة مستدامة ومزدهرة خلال العشرين عاماً القادمة، وذلك عبر مراحل متعددة تشمل بناء بنية تحتية متكاملة تضم مراكز تجارية، مساكن، مكاتب حكومية، ووسائل نقل عام.
ورغم أن المشروع يركز على الاستدامة، إلا أنه يواجه انتقادات من نشطاء البيئة، الذين يرون أن إزالة الغابات لبناء مدينة جديدة يتناقض مع مبادئ حماية البيئة. ومع ذلك، يؤكد المخططون أن نوسانتارا ستكون “مدينة إسفنجية” قادرة على امتصاص مياه الأمطار في التربة، مما سيساهم في منع الفيضانات.