قطار على نظام BOT بدلا من جسر (صويلح-مرج الحمام)، وتخصيص كلفته لانصاف المحافظات

كتب أ.د. محمد الفرجات

تواجه العاصمة عمان تحديات كبيرة تتعلق بالازدحام المروري والتلوث البيئي، مما يستدعي البحث عن حلول مبتكرة لتحسين البنية التحتية والنقل. في هذا السياق، تدرس الحكومة الأردنية حالياً مشروعاً لبناء جسر يربط بين صويلح ومرج الحمام. رغم أهمية هذا المشروع، هناك بديل آخر يمكن أن يقدم فوائد تتجاوز ما يقدمه الجسر، وهو استقطاب مشروع نظام “BOT” (بناء وتشغيل وتحويل) لقطار كهربائي وسكة حديدية خاصة على نفس المسار.

1. التكاليف والتحديات المالية

تُقدّر تكلفة بناء جسر بطول 15 كيلومترًا بنحو مليار دينار، وهو مبلغ كبير يمثل عبئاً مالياً على خزينة الدولة. بدلاً من ذلك، يمكن أن يوفر نظام “BOT” بديلاً جذاباً. من خلال هذا النظام، يتكفل المستثمرون الخارجيون بكلفة بناء وتشغيل وصيانة المشروع، مما يخفف العبء المالي على الحكومة. بعد فترة التشغيل، تنتقل ملكية المشروع إلى الدولة، مما يتيح لها تحقيق عوائد مالية طويلة الأجل.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للحكومة التفاوض مع إحدى الدول الدائنة لمبادلة تكلفة هذا المشروع بجزء من الدين الوطني، مما يعزز من الاستفادة المالية ويخفف من أعباء الدين العام.

2. الاستدامة البيئية وتقليل التلوث

يُعد القطار الكهربائي حلاً مثالياً لمشكلة التلوث البيئي في المدن الكبرى. باستخدام الطاقة الكهربائية بدلاً من الوقود الأحفوري، يمكن تقليل الانبعاثات الكربونية بشكل كبير، مما يدعم جهود عمان في تحسين جودة الهواء وتعزيز الاستدامة البيئية. هذا التوجه يتماشى مع الأهداف البيئية للمدينة ويقلل من تأثيراتها السلبية على البيئة.

3. التخفيف من الازدحام والحوادث

الازدحام المروري في عمان يؤدي إلى حوادث ومشاكل يومية للمواطنين. يوفر القطار الكهربائي بديلاً فعالاً للسيارات الخاصة، مما يساهم في تخفيف الضغط على الطرق وتقليل الحوادث. تقديم وسيلة نقل عامة سريعة وآمنة يحسن حركة المرور وسلامة الطرق.

4. تعزيز النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات

تحت نظام “BOT”، يتكفل المستثمرون بتكاليف بناء وتشغيل المشروع، مما يعزز من جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية. هذا النموذج يوفر فرصة كبيرة للقطاع الخاص للمساهمة في بناء وصيانة البنية التحتية، مما يخلق فرص عمل جديدة ويحفز النشاط التجاري. بعد فترة التشغيل، تستفيد الحكومة من ملكية المشروع، مما يعزز من الاستدامة المالية ويحقق فوائد اقتصادية على المدى الطويل.

5. تخصيص الموارد لتنمية المحافظات

يمكن تخصيص المليار دينار، التي كانت ستُخصص لبناء الجسر، لمشاريع تنموية في المحافظات التي تعاني من الفقر والبطالة وتهالك البنية التحتية. بدلاً من بناء الجسر، يمكن استخدام هذه الأموال لتحسين الخدمات الأساسية، دعم المشاريع الصغيرة، وتعزيز التنمية في المناطق الريفية. هذا الاستثمار يمكن أن يسهم في تحقيق تنمية متوازنة ويقلل من التفاوت بين العاصمة والمناطق الأخرى.

6. تحسين جودة الحياة وتطوير البنية التحتية

إدخال القطار الكهربائي إلى عمان سيسهم في جعل المدينة نموذجاً للمدن الذكية، مع نظام نقل حديث وفعال. من خلال تقليل الضجيج وتحسين وسائل النقل، يمكن تعزيز جودة حياة المواطنين ويعزز من سمعة عمان كمركز حضري متقدم ومستدام.

في الختام، يمثل مشروع القطار الكهربائي بديلاً استراتيجياً لجسر صويلح-مرج الحمام. من خلال نظام “BOT”، يمكن للحكومة تجنب التكاليف الأولية الكبيرة، وجذب الاستثمارات، وتحقيق فوائد اقتصادية وبيئية ملحوظة. كما أن التفاوض مع الدول الدائنة لمبادلة المشروع بجزء من الدين يمكن أن يوفر مزيداً من الفوائد المالية، مما يعزز من التنمية المستدامة ويجعل عمان مدينة أكثر ذكاءً واستدامة.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى