مهم | مؤشرات لعاصفة مطرية في البحر المتوسط ، ما هي فرص حدوثها ؟
مع استمرار الارتفاع الملحوظ في درجات حرارة سطح مياه البحار والمحيطات على مستوى العالم، يزداد تبخر المياه، مما يؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في نسب بخار الماء في الغلاف الجوي. هذا التغير يساهم بشكل رئيسي في زيادة معدلات هطول الأمطار على مستوى العالم عند حدوث اضطرابات جوية، حيث توفر الكميات الكبيرة من بخار الماء الوقود اللازم لتكوين السحب الممطرة وتعزيز قوة العواصف الجوية.
التأثير الآخر لهذا الاحترار يتمثل في زيادة حدة وشدة الاضطرابات الجوية. فقد شهدنا ارتفاعًا في عدد المنخفضات الجوية، الأعاصير، وحالات عدم الاستقرار الجوي، بالإضافة إلى تزايد قوة هذه الظواهر، حيث أصبحت أكثر عمقًا وأحيانًا تمتد على نطاق أوسع. يعود هذا إلى زيادة الفروقات الحرارية بين الكتل الهوائية وسطح مياه البحار والمحيطات؛ فكلما زاد الفرق في درجات الحرارة، زادت حدة الاضطرابات الجوية، مما يؤدي إلى ظروف جوية أكثر تطرفًا وتأثيرًا.
البحر الأبيض المتوسط، كغيره من البحار والمحيطات، تأثر بشكل ملحوظ بالاحترار العالمي للمياه نتيجة للعوامل الطبيعية والبشرية. من بين هذه العوامل، ثوران بركان هونغا تونغا الذي أطلق ملايين الأطنان من الغازات الدفيئة، بما في ذلك كميات ضخمة من بخار الماء، إلى الغلاف الجوي. هذا الانبعاث ساهم في زيادة احتباس الحرارة وتعزيز الاحترار. إضافة إلى ذلك، فإن التغيرات المناخية العامة التي يشهدها الكوكب كان لها تأثير كبير على سلوك المناخ في المنطقة، مما أدى إلى تغييرات واضحة في نمط الطقس بمنطقة البحر الأبيض المتوسط.
نلاحظ في الخريطة التالية استمرار احترار اجزاء واسعة من مياه البحر الأبيض المتوسط بصورة اعلى من المعتاد:
بالإضافة إلى ذلك، بدأت نماذج الطقس تشير بشكل متكرر إلى احتمالية وصول كتل هوائية باردة إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط. ما يميز هذه الكتل الهوائية هو أنها أكثر برودة من المعتاد لمثل هذا الوقت من العام، مما يشير إلى وصول مبكر نسبيًا لهذه الكتل مقارنة بما هو معتاد. فهي تتمتع بخصائص فيزيائية مشابهة لتلك التي تؤثر عادةً على المنطقة خلال أواخر فصل الخريف وبداية فصل الشتاء من الناحية الفلكية. هذا التغير في توقيت ونمط الكتل الهوائية قد يكون مرتبطًا بتقلبات مناخية تؤثر على سلوك الغلاف الجوي.
فنلاحظ في الخريطة التالية نشوء مرتفع جوي مبكر في وسط وشمال القارة الأوروبية خلال الأيام القليلة المقبلة، وهو مشابه للمرتفعات الجوية التي تنشأ عادةً خلال فصل الشتاء :
وهذا يُعدّ نمطًا شتويًا بامتياز، يتزامن مع ارتفاع مؤشر معامل تذبذب القطب الشمالي (AO) ليصل إلى مستويات إيجابية طفيفة ثم متوسطة، كما نلاحظ :
واستنادًا إلى التفسير العلمي السابق ومخرجات نماذج الطقس، فمن المتوقع، بمشيئة الله تعالى، أن تصل كتلة هوائية باردة مبكرة إلى وسط البحر الأبيض المتوسط، بالتزامن مع الاحترار الملحوظ لمياهه. هذا التفاعل بين الهواء البارد والمياه الدافئة سيؤدي إلى نشوء منخفض جوي، والذي سيأخذ في البداية شكل عاصفة مطرية محملة بأمطار غزيرة جداً. ومع احتمالية انخفاض الضغط الجوي في مركز هذا المنخفض، قد يتطور إلى منخفض جوي عميق أو حتى يتحول إلى عاصفة متوسطية قوية، مما سيزيد من خطورة وتأثير هذا النظام الجوي على المناطق المحيطة:
حتى هذه اللحظة، تشير البيانات غير الثابتة إلى احتمالية وصول الكتلة الهوائية الباردة القادمة من شمال المحيط الأطلسي عبر غرب القارة الأوروبية إلى وسط البحر الأبيض المتوسط مع بداية الأسبوع المقبل. من المتوقع أن يتشكل مركز ضغط جوي منخفض بسرعة يوم السبت الموافق 19 أكتوبر 2024، ثم يتعمق هذا النظام لاحقاً ليؤثر على تونس وأجزاء من الجزائر، ليبيا، إيطاليا، اليونان، وإسبانيا.
الخريطة المستندة إلى النموذج الأمريكي (GFS) تشير إلى احتمالية هطول كميات ضخمة من الأمطار في حال ثبات التوقعات الجوية. مع ذلك، نظرًا لبعد الفترة الزمنية، يجب التعامل مع هذه التوقعات كمؤشر أولي فقط، حيث إن احتمالية التغيير واردة بشكل كبير :
بعد استعراض الوضع الجوي المذكور أعلاه، فإن فرصة نشوء عاصفة متوسطية أو عاصفة مطرية ناتجة عن منخفض جوي عميق واردة خلال الفترة المقبلة من الناحية العلمية. ومع ذلك، قد تحدث متغيرات جوهرية تؤثر على أنظمة الضغط الجوي في أي لحظة، نظرًا لبعد الفترة الزمنية نسبيًا. لذا، من الضروري متابعة التوقعات أولاً بأول للحصول على آخر التحديثات المتعلقة بالظروف الجوية.