هرب من الموت 7 مرات وحُرق رفقة أمه.. شعبان الدلو يحرج العالم
على مدار أيام وأشهر طويلة، ركض “شعبان الدلو” بين كل أزقة غزة ليحتمي أسفل ركامها من القصف الإسرائيلي، كان يخشى الموت بصاروخ الاحتلال على الرغم من إدراكه أنه حتى ولو نجا قد يموت جوعًا جرّاء الحصار، وقهرًا إثر الإبادة الجماعية التي تُمارس منذ عام كامل، لكنه لم يتخيل أنه سيحترق حيًا على مرأى ومسمع من العالم أجمع.
في واحدة من أكثر الليالي سوداوية على دير البلح منذ أكتوبر 2023، قصفت مسيّرة إسرائيلية خيام النازحين الذين ظهروا يفرون من النيران بشكل هستيري، فيما عدا شعبان الدلو، الشاب الفلسطيني الذي لم يكمل عامه العشرين بعد ظهوره وهو يلوّح بيديه والنار تلتهم جسده حيا في قلب خيمته بمستشفى “شهداء الأقصى”.
الشاب الفلسطيني شعبان الدلو
عجز الجميع عن الاقتراب من “شعبان” ولم يستطع إنقاذه أحد رغم استغاثته، لكن المقطع الذي وثّق احتراقه ولم يتجاوز عدة ثوان لفّ العالم كله، وأصبح الدلو “شهيد أيقوني” تبرز وحشية الاحتلال الغاشم على كافة قطاع غزة.
الشاب الفلسطيني شعبان الدلو
الشهيد شعبان الدلو
روى جبريل قويدر، أحد أفراد أسرة الشهيد شعبان الدلو لـ “تليجراف مصر” طموح وأحلام كان يأمل الدلو تحقيقها يومًا ما لولا أكتوبر الماضي، إذ التحق الشاب بكلية هندسة البرمجيات جامعة الأزهر مع بداية الحرب، بعدما فشل في تحقيق حلمه بالدخول إلى كلية الطب.
ظروف الحرب لم تسمح لـ”الدلو” أن يكمل حتى دراسته بكلية هندسة البرمجيات، حيث بدأ رحلة النزوح مع أسرته وسط آلاف أسر غزة هربًا من قصف الاحتلال الإسرائيلي، ووصل بهم الحال إلى النزوح نحو 7 مرات.
الشاب الفلسطيني شعبان الدلو ينعي أحد أصدقائه
شعبان الحافظ لكتاب الله هو أكبر إخوته الفتيات، فكان مدلل أبيه وأمه التي احترقت معه حتى فارقت الحياة. كان الجميع يلاحظ تعلقه الشديد بأمه والتصاقه بها من شدة حبه لها الذي ظهر حتى على صفحته الشخصية، إلى أن ماتا في أحضان بعضهما.
الشاب الفلسطيني شعبان الدلو مع أسرته
كانت السيدة “آلاء أحمد” والدة “شعبان الدلو” تنشر له منشورات عدة عبر صفحته وتهتم بترك بصمة تعليقاتها على كل صورة له لتتغزل فيه أمام الجميع، وقالت في واحدة منها: “يا حبيبي يا أمي.. ربنا يعلي مراتبك وينجحك ويوفّقك وأشوفك من أحسن الناس”.
والدة شعبان الدلو
الشاب المحترق شعبان الدلو
نجا “شعبان” من الموت أكثر من مرة بأعجوبة، فقبل أيام قليلة استهدف الاحتلال أحد مساجد غزة أسفر عن 20 شهيدًا داخل المسجد، وهو ما أوصله إلى خيمة مستشفى شهداء الأقصى، إذ أُصيب وقتها برأسه إصابة قوية ومكث تحت الأنقاض لساعات لكنه استطاع أن يفلت منها.
الشاب الفلسطيني شعبان الدلو
لم يلتقط شعبان أنفاسه للتعافي فوق سرير شهداء الأقصى، بل أصبح منهم هو الآخر في غمضة عين، بعد ارتقائه في واقعة “محرقة الخيام” رفقة والدته وانتشالهما جثثا متفحمة ليسدل الستار على رحلة نزوحهما والنجاة من الموت الذي أصبح بمختلف الطرق على عُزّل غزة.