النشرة الجوية الشهرية لشهر “11” نوفمبر تشرين الثاني للموسم المطري 2024/2025
يسرنا في المركز العربي للمناخ ان نقدم للمتابعين الكرام النشرة الجوية والتوقعات بعيدة المدى لشهر 11 نوفمبر للعام 2024 وباسلوب مبسط وواضح يشمل الجوانب العلمية الرئيسية.
تستهدف هذه النشرة بشكل أساسي المنطقة العربية؛ حيث يشمل القسم الأول من التوقعات دول بلاد الشام (الأردن، فلسطين، سوريا، ولبنان) إضافة إلى مصر، العراق، والمملكة العربية السعودية، بينما يغطي القسم الثاني بلاد المغرب العربي (الجزائر، المغرب، تونس، ليبيا، وموريتانيا).
وتهدف هذه النشرة إلى تعزيز الاستعدادات المسبقة للظروف الجوية المتوقعة، وتقديم مؤشرات تساعد في اتخاذ القرارات والتدابير الضرورية في قطاعات متعددة مثل الزراعة والبنية التحتية وإدارة الموارد المائية وصولاً الى الممارسات اليومية الفردية ، إلى جانب دعم القطاعات الأخرى المعتمدة على الطقس والمناخ.
نأمل أن تسهم هذه النشرة في تحقيق الفائدة المرجوة للجميع من خلال تمكين المجتمعات والمؤسسات والأفراد من الاستعداد الأفضل لمواجهة التغيرات الجوية المتوقعة خلال الشهر للمحافظة على الأرواح والممتلكات، والله ولي التوفيق.
الوضع العام :
شهد فصل الخريف الحالي سلوكًا جويًا غير معتاد حتى الان، بحيث ظهرت العديد من الحالات الجوية القوية والمتتابعة، تزامنًا مع تعرض أجزاء واسعة من البلاد العربية لظروف مناخية قاسية نسبيًا وبشكل مبكر. فقد تأثرت بلاد المغرب العربي بسلسلة من الحالات الجوية الماطرة بغزارة، كما نشأت حالات عدم استقرار جوي شاملة أثرت على مناطق واسعة من الجزيرة العربية.
ولعل من أبرز الظواهر التي ميزت هذا الخريف المبكر، كانت موجة البرد القارية الجافة التي ضربت المنطقة في شهر أكتوبر الماضي. تميزت هذه الموجة بكونها مبكرة ونادرة الحدوث، حيث أثرت بشكل ملحوظ على دول بلاد الشام والعراق والمناطق المجاورة، مما زاد الشعور بالبرودة في وقت أبكر من المعتاد، وعكس توقعات الخريف المعتدلة في مثل هذا الوقت من العام.
تعكس هذه التقلبات الجوية حدة التغيرات المناخية التي قد تؤثر على توازن الفصول في المنطقة، وهو ما يفرض أهمية متابعة الحالة الجوية واتخاذ التدابير الملائمة لمواجهة تأثيراتها.
سنبدأ باستعراض اهم وأبرز العوامل الجوية والظواهر المناخية التي تتحكم بطقس المنطقة بشكل سريع ، لفهم تأثيراتها خلال شهر “11” نوفمبر 2024 ثم ننتقل الى التوقعات الجوية التفصيلية :
اولا : تعاظم مرتفع وملحوظ للمرتفع السيبيري :
نشهد هذا العام تعاظمًا سريعًا ونموًا ملحوظًا في الكتل الهوائية الباردة المرتبطة بالمرتفع السيبيري، بالتزامن مع توسع لافت في مساحات الثلوج والجليد المتراكمة فوق سيبيريا. عند مقارنة هذه الظاهرة مع الأعوام السابقة، يتضح أن هذا التصاعد قد يسهم في موجات برد أشد من المعتاد، خاصةً في المناطق الواقعة ضمن نطاق تأثير المرتفع السيبيري، بما فيها الشرق الأوسط. هذا التعاظم في قوة المرتفع والسيطرة المتزايدة للهواء البارد تنذر بفترات شديدة البرودة قد تحمل معها انخفاضات قياسية في درجات الحرارة وموجات صقيع ممتدة.
وتشير أحدث المعطيات إلى احتمال تأثر المنطقة بالبرودة الشرقية في وقت مبكر خلال شهر نوفمبر 2024، على أن يزداد تأثيرها مع بداية الشتاء فلكياً. من المتوقع أن تساهم هذه الرياح الباردة في انخفاض درجات الحرارة، مما قد يؤدي إلى نشوء حالات من عدم الاستقرار الجوي، خاصةً عند التقاء هذه الرياح مع الرياح المدارية الدافئة فوق المنطقة. ومن شأن هذا التفاعل بين الكتل الهوائية أن يعزز فرص حدوث تقلبات جوية قوية، ما يزيد من احتمالات هطول الأمطار وربما عواصف رعدية في بعض المناطق، مع تعزيز فرص تساقط الثلوج خلال الشتاء القادم.
ثانياً : نشاط نادر الحدوث للدوامة القطبية الشمالية :
في الفترة القليلة الماضية، فاجأتنا الدوامة القطبية بقوتها المبكرة، حيث شهد معامل تذبذب القطب الشمالي (AO) ارتفاعًا إلى مستويات متطرفة وقياسية “إيجابية قطبية” غير معتادة لمثل هذا الوقت من العام، وبلغ المؤشر الدرجة الخامسة. يشير ذلك إلى انخفاض ملحوظ في الضغط الجوي فوق القبة القطبية الشمالية، ما يعكس ظروفًا شبيهة بتلك التي تحدث في عمق فصل الشتاء عندما تصل القبة القطبية إلى أدنى درجات البرودة خلال العام, وهذا يعني اشتداد دوران الرياح الباردة بصورة كبيرة فوق القبة القطبية تزامناً مع تكدس البرودة في العروض العليا ، وهذا يعني تبريد اعلى وتركيز اكبر في البرودة القطبية التي ستتوجه لاحقاً صوب الجنوب بعض انخفاض مؤشر تذبذب القطب الشمالي لتنتشر موجات البرد المركزة بصورة اعلى من المعتاد.
عند انخفاض الضغط فوق الدوامة القطبية الشمالية وكرد فعل طبيعي ، يتم تحفيز نشوء مرتفعات جوية فوق مناطق هامة من النصف الشمالي من الأرض مما يسمح باستقرار الاجواء فوق هذه المناطق، وبالمقابل تتعرض مناطق اخرى لكتل هوائية واحواض باردة.
ثالثاً : تشكل مرتفعات جوية متتالية فوق القارة الاوروبية :
خلال شهر أكتوبر 2024 ، لاحظنا تشكل مرتفعات جوية متتالية فوق القارة الأوروبية، مما أدى إلى ظهور ما يُعرف بـ “البلوك” فوق معظم أنحاء القارة. تتميز هذه المرتفعات الجوية بأنها كانت ضخمة بشكل غير معتاد في مثل هذا الوقت من العام، إضافةً إلى تجددها المستمر. وقد ساهم ذلك في توجيه كتل هوائية باردة على فترات الى أجزاء من الدول العربية الواقعة على يمين ويسار هذه المرتفعات الجوية وهو ما يعني تطور نظام اوميغا مبكر.
تشير التوقعات، وارتباطًا بمؤشر معامل تذبذب القطب الشمالي (AO)، إلى استمرار تطور المرتفعات الجوية فوق القارة الأوروبية على فترات. ومع هذا السلوك الغريب نوعًا ما في مثل هذا الوقت من العام، من المحتمل أن تزداد فرص زيارة الأحواض الباردة الى المنطقة العربية خلال شهر نوفمبر 2024 بشكل أعلى من المعتاد.
رابعاً : استمرار طور اللانينا في في المحيط الهادئ :
يسيطر حاليًا طور اللانينا على المنطقة 3.4 من المحيط الهادئ، حيث يتميز هذا الطور بدرجات خفيفة إلى متوسطة حتى الآن، بعيدًا عن القيم المتطرفة. وعند ربط القيم الحالية مع القيم الإحصائية، يتضح أنها قد تساهم في زيادة معدل حدوث الصقيع المبكر خلال شهر نوفمبر، خصوصًا في أواخر الشهر.
عند دراسة التوقعات لمؤشر ENSO، نلاحظ وجود إجماع من غالبية النماذج المتخصصة على زيادة قوة طور اللانينا خلال الفترة المقبلة. وهذا يعزز من احتمال حدوث موجات برد أعلى من المعتاد.
خامسا : احترار مياه البحر الأبيض المتوسط بصورة اعلى من المعتاد :
لا يزال البحر المتوسط يعاني من احترار سطح الماء بصورة أعلى من المعتاد، حيث يتركز هذا الاحترار في معظم المناطق. وهذا الوضع يوفر مؤشرات هامة تتضمن ارتفاع معدلات التبخر وزيادة معدلات الهطول، بالإضافة إلى زيادة شدة الاضطرابات الجوية. مما يعني احتمالية تشكل منخفضات جوية أعمق وأقوى.
سادساً : الدوامة القطبية الستراتوسفيرية ابرد من المعتاد:
تشير البيانات إلى أن الدوامة القطبية الستراتوسفيرية الشمالية سجلت درجات حرارة أقل من المعتاد لهذا الوقت من العام، تزامنًا مع ارتفاع سرعة الرياح الدورانية فيها لمستويات عالية، مما يعكس قوتها بشكل ملحوظ. إن قوة هذه الدوامة تنعكس على أداء الموسم المطري، وتعطي مؤشرات على برودة الموسم.
اولا : في بلاد الشام ” الاردن وفلسطين وسوريا ولبنان ” والعراق ومصر والسعودية (شمال الشرق الاوسط):
-تشير التوقعات إلى استمرار تأثر المنطقة بأجواء غير مستقرة، مع هطول أمطار رعدية على فترات وبشدة متفاوتة خلال الثلث الأول من الشهر. من المتوقع أن تتسم الأمطار بالطابع العشوائي، مع استمرار انخفاض درجات الحرارة لتكون أقل من معدلاتها العامة، مما يؤدي إلى أجواء باردة نسبيًا نهارًا فوق الجبال وباردة ليلاً. كما تزداد احتمالية تشكل الضباب وانخفاض مدى الرؤية الأفقية ليلاً ومع ساعات الفجر. ويتزامن هذا مع استمرار تدفق الرياح المدارية الرطبة من القارة الأفريقية نحو المنطقة.
-مع انتصاف الشهر، من المتوقع أن تقترب كتلة هوائية باردة من الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، مما يؤدي إلى تشكل حالة مركبة تجمع بين منخفض جوي وحالة عدم استقرار. ستؤثر هذه الحالة على أجواء المنطقة بشكل عام، وقد تجلب أمطارًا رعدية متفاوتة الغزارة، يصاحبها أحيانًا تساقط زخات من البرد مع حدوث انخفاض ملحوظ على درجات الحرارة.
-فترة الثلث الأخير، وتحديدًا النصف الأول منها، قد تحمل في طياتها منخفضًا جويًا غير واضح المعالم نتيجة اقتراب كتلة هوائية باردة من شرق القارة الأوروبية نحو المنطقة. فيما تتسم نهاية الشهر بانخفاض ملحوظ في درجات الحرارة نتيجة لتأثير المرتفع الجوي السيبيري على أجواء المنطقة، مما قد يؤدي إلى تشكل الصقيع المبكر.
الملخص : تكون درجات الحرارة اقل من معدلاتها العامة، والامطار حول معدلاتها العامة فيما تكون فرصة تساقط الثلوج منخفضة.