يديعوت: عزل شمال غزة قد يستغرق 6 أشهر
اعترف المحلل العسكري الأبرز في صحيفة يديعوت أحرنوت يوآف زيتون بأن قوات الاحتلال تطبّق بالفعل نسخة معدلة من “خطة الجنرالات”، التي تهدف إلى تقسيم قطاع غزة وعزل شماله عن باقي الأجزاء، مشيرا إلى أن هذه الخطة قد تستغرق 6 شهور حتى تتمكن من تحقيق أهدافها.
ويؤكد زيتون أن الجيش الإسرائيلي “بدأ منذ أسابيع بتنفيذ ما يمكن وصفه بتطبيق جزئي لـ”خطة آيلاند”، وهي خطة اقترحها سابقا اللواء المتقاعد غيورا آيلاند رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، وتهدف إلى حصار المناطق الإستراتيجية.
ويضيف أنه “على الرغم من التصريحات الإسرائيلية التي نفت تطبيق هذه الخطة بالكامل، فقد قام الجيش الإسرائيلي بقطع منطقة جباليا عن بقية أجزاء شمال القطاع عبر خط يمتد من الساحل إلى الحدود”.
وفيما يشير إلى أن هذا العزل جاء رغم الضغوط الأميركية المكثفة، فإنه يزعم أن إسرائيل اضطرت لإدخال المساعدات الإنسانية للمنطقة، وهو ما نفاه الفلسطينيون مرارا وتكرار، وأكدوا استمرار معاناة سكان جباليا من مجاعة حقيقية.
تكتيكات للجيش الإسرائيلي وينقل المحلل العسكري عن جيش الاحتلال أنه يواصل تنفيذ عملية واسعة في شمال قطاع غزة، وتحديدا في منطقة جباليا، بهدف تقويض بنية حماس العسكرية وتقييد حركتها هناك، وذلك وفق “تكتيكات ميدانية معقدة تترافق مع قيود مفروضة على المدنيين، ما أدى إلى “حصار جزئي” يهدف لعزل جباليا عن باقي مناطق شمال القطاع”.
وأوضح زيتون أن الجيش الإسرائيلي يعتمد نهجا مستداما على مدى زمني طويل، بهدف القضاء على قدرات حماس العسكرية، مع تقديرات عسكرية تشير إلى إمكانية استمرار العمليات لأكثر من 6 أشهر لتحقيق الأهداف.
ويشير زيتون إلى أن “الجيش الإسرائيلي استمر في تحصين مواقع له عند نقاط عزل إستراتيجية في المنطقة، ويعتمد بشكل رئيسي على إنشاء نقاط تفتيش مسيطر عليها عبر تقنيات متقدمة مثل التعرف على الوجوه، وهو ما يتيح له التحكم في حركة السكان وتدقيق الأشخاص الخارجين من جباليا باتجاه مدينة غزة”.
ووفقا لتقرير “يديعوت أحرونوت”، تنظر إسرائيل إلى جباليا باعتبارها المعقل الرئيسي لحركة حماس في شمال القطاع، حيث تحتضن عددا من القيادات البارزة في الحركة ومئات المقاتلين.
تكتيكات مكثفة لكتائب القسام ويشير المحلل العسكري إلى أنه و”مع تقدم الجيش الإسرائيلي في المنطقة، استخدم عناصر حماس تكتيكات دفاعية مكثفة تتضمن مئات الألغام والمتفجرات التي تم زرعها في الطرق والأبنية بشكل عشوائي. ويُعرف عن هذه المتفجرات أنها “غير متطورة”، مقارنة بتلك المستخدمة في مواقع أخرى، حيث تفتقر إلى التحكم عن بُعد أو التوجيه الإلكتروني، ما يجعلها فخاخا تقليدية يصعب رصدها”.
وينقل زيتون عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إن “معظم المتفجرات المزروعة في جباليا تفتقر إلى التكنولوجيا المتقدمة، فهي متفجرات بدائية موزعة بشكل غير منتظم تحت السجاد وفي الزوايا والأبنية المهجورة”، ويمثل هذا النوع من الفخاخ تحديا للجنود الذين يواجهون مخاطر كبيرة خلال تحركاتهم في المنطقة.
وبالإضافة إلى ذلك، يتناول التقرير أيضا وضع الدعم العسكري الإسرائيلي، مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلي يعتمد حاليا على دعم مدفعي وجوي محدود في المنطقة بعد إجلاء جزء كبير من سكان جباليا بسبب اضطراره لتوزيع قواته على عدة جبهات، بما في ذلك جنوب لبنان، كما يلفت الانتباه إلى أن قوات الاحتلال تحاول استهداف مواقع محددة لحماس بدقة “لتجنب استنزاف الذخائر”، ولكنه يتجاهل في الوقت نفسه أن هذه الذخائر تسببت بمقتل المئات من المدنيين الفلسطينيين في المنطقة.
حماس تغير أساليبها ويسلط زيتون الضوء أيضا على ما يسميه التحديات التي يواجهها الجيش الإسرائيلي في جباليا، وعلى الأخص التعامل مع الكمائن والأنفاق.
ورغم زعمه أنه تم العثور على العديد من الأنفاق القتالية التي كانت تستخدمها حماس لنقل المقاتلين والذخائر، فإنه يعود للتذكير بأن هذه الأنفاق لا تزال من أبرز العقبات التي تسعى إسرائيل للقضاء عليها في عملياتها الحالية، “نظرا للدور الكبير الذي تلعبه في تمكين مقاتلي حماس من التحرك والتخفي”.
ويعترف هنا المحلل العسكري للصحيفة أن “المعارك الأخيرة تكشف عن أن حماس تكيفت مع تكتيكات الجيش الإسرائيلي، وبدأت في تغيير أساليبها”، ويضرب لذلك مثالا بحادثة الأسبوع الماضي التي أسفرت عن مقتل 4 جنود من الوحدة متعددة المهام، حيث قال “تم وضع عبوة ناسفة في الطابق الثاني، بعد أن لاحظ مقاتلو حماس أن القوات الإسرائيلية تركز على تفتيش الطوابق الأرضية قبل الاقتحام”، مشيرا إلى أن حماس تسعى إلى زيادة التحديات الميدانية أمام الجيش عبر تكتيكات مختلفة وعبوات ناسفة مرتجلة.
ويلفت التقرير إلى أن “العمليات العسكرية التي يقودها الجيش الإسرائيلي في جباليا للقضاء على البنية التحتية العسكرية لحماس ستحتاج إلى أكثر من 6 أشهر من القتال”، مؤكدا أن الاحتلال “بدأ بالفعل في إنشاء قاعدة ميدانية دائمة بشمال القطاع، مما يشير إلى نية الجيش في الحفاظ على وجود عسكري طويل الأمد في المنطقة، لضمان عدم عودة حماس إلى مواقعها السابقة”، حسب قوله.
ويختم التقرير بالإشارة إلى الأهمية الإستراتيجية لهذه العملية، حيث يشير مصدر عسكري إسرائيلي إلى أن “الهدف من هذا الوجود الدائم هو منع حماس من إعادة بناء قوتها العسكرية في المنطقة، وضمان استقرار المناطق المتاخمة لشمال القطاع (المستوطنات)”.