حرب الشيطان …!
بقلم م. عبدالرحمن “محمدوليد” بدران
لا بد لمعظمنا وأن يقع في حياته في معصية أو خطأ ما، ثم ما يلبث أن يرجع إلى نفسه فيراجعها معترفاً بالخطأ وحاسماً أمره بالعودة عن الخطأ والتوبة عن المعصية والاقلاع عنها، ولكن هل ينتهي الأمر هنا؟
في الحقيقة أن ما يحصل بعد ذلك بأنه كلما زاد في همته ونيته وخطواته للتراجع عنها سيجد الشيطان يمثلها ويصورها أمام عينيه بين كل حين وآخر، وفي كل مرة يحاول زيادة فعل خطوات الخير في حياته لتحصين نفسه من العودة لها سيجد الشيطان وأعوانه من شياطين الانس والجن ومعهم النفس الأمارة بالسوء يقفزون بها أمام مخيلته لتذكيره بأدق تفاصيلها، ليبقى شاعراً بالضعف والخوف والخضوع أمامهم، وليكون تحت سيطرتهم طوال حياته لأجل تدمير أي شيء جميل فيها، من خلال البقاء حبيساً في دائرة المعاصي والأخطاء والمنكرات وضنك العيش، ولربما كان هذا من أصعب ما يمر به التائبون الصادقون في توبتهم الذين يعيشون حرباً حقيقية في نفوسهم طوال حياتهم لأجل الحفاظ على ثبات خطواتهم نحو طريق الصلاح ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
اليوم وبعد مرور أكثر من عام على تدمير الاحتلال المجرم في فلسطين لكل معاني الحياة في قطاع غزة مازال يمارس هذا الاحتلال كل صنوف الموت والدمار ليس في غزة فقط بل وفي كل أنحاء فلسطين، مواصلاً ضربه كل القيم والقوانين بعرض الحائط بمواصلة إجرامه نحو لبنان وشعبه، وكاشفاً عن وجهه الحقيقي أمام العالم بأسره مع أفعال تثبت كل يوم من أي مدرسة لا أخلاقية خرج لنا هذا الاحتلال، وكيف أن كل أفعاله لا تنطوي سوى تحت بند تدمير كل القيم والأخلاق والثوابت بل وكل معاني الحياة، تماماً كما يفعل الشيطان وأعوانه عندما يحاصرون كل إنسان يسعى لحياة أفضل له ولمن حوله، ويعملون جاهدين على ابقائه في دائرة الخوف والانحطاط.
وكلنا يرى كيف عمل هذا الاحتلال ومنذ اللحظة الاولى على القضاء على كل معاني الحياة الكريمة في كل أنحاء قطاع غزة، بل ومازال يعمل على قتل وتدمير أي محاولة حتى ولو كانت من طفل صغير للنهوض والوقوف على رجليه من جديد ليتنفس حياة كريمة له ولأهله.
حرب هذا الاحتلال في غزة وبقية أرض فلسطين وفي لبنان اليوم ليست حرباً مع محتل اعتاد على الاجرام بلا محاسبة فقط، بل حرب الشيطان بكل معانيها، حرباً على كل القيم والثوابت والمعاني الإنسانية الرفيعة التي تربينا عليها، حرباً تعني بأنني أستطيع أن افعل بك ما أشاء كيفما أشاء ومتى أشاء فقط عندما أقرر أنك عدوي، وهي الحرب التي ينبغي على كل واحد منا أن يقف في وجهها ويعمل على وضع حد لها بكل ما أوتي من قوة، وتحصين جبهته ضدها ولو من خلال عائلته فقط، والا سنجد أنفسنا جميعاً قريباً في مجتمعات لا تحكمها سوى شريعة الغاب، وهو ما يريده ويسعى إليه هذا الاحتلال وكل من يسعى لتحقيق مصالحه في منطقتنا ولو على حساب كل شيء جميل فيها، نسأل الله أن يفرج كرب أهل غزة الأبطال من قدموا للعالم بأسره دروساً لا تنسى في الصمود والثبات والوقوف في وجه الظلم والطغيان ويعوض صبرهم أجمل العوض، ومعهم أهل الضفة الغربية وكل أهل فلسطين المرابطين، وأهل لبنان الصامدين في أرضهم من لم يقبلوا الذل والهوان يوماً لهذا المحتل الجبان الذي لا يعرف سوى الاستقواء على النساء والأطفال.