سوريا بين مصير غامض ومصالح متشابكة

يثير احتمال انهيار نظام بشار الأسد في سوريا تساؤلات حول السيناريوهات المستقبلية للدولة السورية والمنطقة، مع مقارنات بين ما حدث في أفغانستان عام 2021 وسقوط حكومة أشرف غني. في الحالتين، بدا واضحًا غياب الثقة في القيادة، مما أدى إلى انهيار مفاجئ للنظام السياسي والعسكري. ومع ذلك، يبقى المشهد السوري أكثر تعقيدًا بفعل التباينات الطائفية والإثنية والسياسية.

ورغم أن نظام الأسد صمد بفضل الدعم الإيراني والروسي منذ عام 2015، إلا أن محاولات تحقيق المصالحة الوطنية ظلت بعيدة عن الواقع. وعلى عكس حركة طالبان، التي تمكنت من تثبيت سلطتها في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي، تبدو سوريا مرشحة لصراعات أعمق نتيجة الفجوة الكبيرة بين مختلف مكونات المجتمع السوري. هذه التحديات تجعل من الصعب الحفاظ على تحالفات المعارضة التي قد تنشأ بعد سقوط النظام.

على الصعيد الإقليمي، تبدو دول الجوار السوري غير قادرة على لعب دور الضامن لاستقرار البلاد. فإسرائيل تركز على غزة وجنوب لبنان، وتركيا تواجه معضلة السيطرة على حدودها الجنوبية مع تصاعد نفوذ الجماعات المتطرفة. أما إيران والعراق، فيعانيان من مشكلات داخلية تحول دون تقديم دعم فعال. هذا الوضع يثير مخاوف من تحول سوريا إلى “صومال ثانية” تغرق في الفوضى والصراعات المستمرة.

ورغم تعقيدات المشهد، تظل روسيا لاعبًا رئيسيًا بفضل استثماراتها الكبيرة في سوريا وعلاقاتها التاريخية مع دمشق. موسكو لن تتخلى بسهولة عن مصالحها، خاصة مع انعدام الوضوح بشأن الدور الأميركي في المرحلة المقبلة. ويبقى الحوار بين روسيا والقادة العرب عنصرًا محوريًا في صياغة مستقبل سوريا ضمن توازنات إقليمية ودولية معقدة.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى