لا شيء سوى المشاعر الصادقة الحقيقية يمكن أن تجعل المرء سعيدًا : بسام العريان 2025
عندما تجتاحنا المشاعر الصادقة
لحبيب
في اللقاء الأول، عندما تأخذنا الصدفة إلى المواعيد الغير متوقعة، عندما نصادف شخصا يثير إعجابنا في اللحظة التي لم نخطط فيها لكل ما يثير هذا الإعجاب في دواخلنا، حينها نذوب في تفاصيل اللحظة، ونلعب على وتر الإمساك بالحبل الذي سيُعجّل بإيقاظ تلك المشاعر، والتي تُعلّمنا المواقف أن ندفنها، حينئذ تتملكنا رغبة قوية في الاقتراب من الغريب، ونحاول استكشاف خبايا شخصيته، وبقدر ما يكون هناك انسجام في ما يدور في الخفاء، تتعمد الفرصة أن تستولي على نصيبها مما منحتنا إياه، فلا نتردد في طلب المزيد، بعد ذلك تجتاحنا مشاعر قوية نحو الغريب الذي قد تدفعه الصدفة لأن يصير قريب، لنكون معه، لنشعر به، ونرغب في أن نستمتع بالحياة معه.
في ظل هذه المشاعر التي لا نتيقن منها أحيانا، يجب أن نكون حذرين حتى لا نتوهم مشاعر كاذبة، المشاعر التي لا تليق بما نحاول أن نكونه رغم أنف الحياة، المشاعر الكاذبة لن ترحمنا عندما ننميها من حيث لا ندري، وعندما نُشعر بها الطرف الآخر الذي لا يملك بدوره إلا السباحة مع تيار العواطف، هذا الغريب -القريب- يمكن أن تتملكه نفس المشاعر، وقد تكون أقوى مما نشعر، ولذلك لا ينبغي أن نمارس كذبتنا وشرنا خصوصا في العلاقات الإنسانية، فإذا لم ندرك حقيقة وقوة ما نستشعره تجاه الآخر، يُستحسن أن نتريث قبل أن نقرر الخوض معه، حتى لا نخسره، ونخسر معه كل ما يجعل قلوبنا أجمل، إذ من الجميل أن نتريث وندع الفرصة للوقت، لكن الأجمل، أن نتأكد من مشاعرنا، فإن كانت حقيقية، فمن الرائع أن نغامر من أجلها، ونبرزها للآخر، أما إذا كان هناك غموض حولها، فالوقت كفيل بإبراز ما تنطوي عليه من حقيقة وما نضمره من مشاعر، فما أجمل أن يكون لنا قلب حامل لمشاعر صادقة.
تمسكنا الحياة بعيدا عن تعقلنا وعقلانيتنا لتجعلنا نرى في الآخر فرصة النجاة، فنحاول بكل ما ملكنا من رغبة أن يكون الآخر من نصيبنا، وما أجمل أن يبادلنا هذا الشعور، أحيانا لا نجد ذواتنا إلا في الآخر أو مع الآخر
”
عادة ما تنطوي علاقاتنا الإنسانية على الغموض في بدايتها، لكن هذه البداية يمكن أن تحدد المصير الذي ينتظرها، فبقدر ما تكون المشاعر قوية فيها، وبقدر ما يكون الوضوح والصراحة موجودان بكل جرأة وصدق، وبقدر ما يكون الطرفان مستعدان للدخول في غمار أعقد التجارب الإنسانية، بهذا القدر يمكن تحديد مدى نجاح العلاقة وفشلها، ذلك أن غياب الصراحة والصدق والمشاعر القوية الصادقة، لن يجعل العلاقة تنتصر، ولن يكون النجاح حليفا لها، لأن العلاقات الإنسانية معقدة، فإذا أضفنا إليها تعقيدات أخرى مرتبطة بعدم ممارسة الصراحة، وعدم التأكد من المشاعر، وغياب الثقة، فتلك أمور تُعقد من هذه العلاقة، وتجعل فشلها وارد لا محالة، فإذا كانت العلاقات الإنسانية محكومة بهذا الغموض، كان من الحكمة أن نمارس ما يليق بالإنسان في هذا الصدد، وأفضل ما يمكن للمرء أن يمارسه هو الصدق والصراحة، ومحاولة تدريب النفس على ذلك قد تفي بالغرض، وتجعلنا نقتنع بمن قررنا أن نشاركهم جزء من حياتنا، ولما لا كلها.