أكراد سوريا إلى أين
اسعد بني عطا
– تسيطر ( قوات سوريا الديمقراطية / قسد ) بقيادة ( مظلوم عبدي ) والمدعومة أمريكيا على محافظات : ( الحسكة ، دير الزور والرقة ) التي تُشكِّل ( ٢٥٪ ) من سوريا ، وتدخل ضمن سيطرتها معظم حقول النفط ، وهي المصدر الرئيسي للماء والقمح والكهرباء والوقود والغاز والقطن والحوم والصوف والألبان الأمر الذي يبرر الصراع عليها .
– على ضوء سقوط النظام السوري ، ساد التوتر مناطق نفوذ ( قسد ) ، حيث خرجت مظاهرات في منبج بريف حلب احتفالاً بسقوط الأسد ، وطالبت بدخول الإدارة الجديدة لتحرير الرقة والحسكة من ( قسد ) ومحاكمة فلول النظام ، فيما أعلنت قسد إحباط هجمات شنتها فصائل موالية لتركيا في منبج ،وحذّرت من تنامي نشاط خلايا داعش التي هاجمت نقاط تفتيش تابعة لقسد في ( دير الزور الشرقي وبريف الحسكة الجنوبي ) مستغلة انشغال القوات بالتصدي للهجمات التركية ما زاد من التحديات الأمنية .
– مع استمرار المواجهات بين الإدارة الجديدة وقوات قسد أدلى ( قائد قوات قسد ) بعدة تصريحات صحفية آخرها عقب اجتماعه بمبعوثي فرنسا والولايات المتحدة اللذين حثاه على بناء موقف كردي موحد وتقديم بعض التنازلات لتقريب وجهات النظر تمهيدا لتشكيل وفد كردي للتفاوض مع الإدارة الجديدة ، حيث أكد فيها على ما يلي :
. استعداد قسد لنقل مسؤوليات مراقبة الحدود بشكل سلس لسلطة دمشق مبدئياً وفق صيغة يُتّفق عليها .
. حصر السلاح بيد الدولة يحتاج لمناقشات للتوصل إلى صيغة حول كيفية تنفيذ الأمر ، مؤكدا أن سلاح ( قسد ) سيكون للجيش الوطني .
. ضرورة أن تكون الدولة لا مركزية تعددية ديمقراطية ، وضمان حقوق جميع المكونات في إطار دستوري عادل يضمن التمثيل المتساوي لكافة السوريين .
. قوات ( قسد) مستعدة للعب دور في البناء والمشاركة بالحكومة ولا تبحث عن تقسيم سوريا ، والالتزام بالعمل المشترك مع كافة الأطراف لتطوير منظومة دفاعية موحدة تحمي البلاد وتمنع عودة التنظيمات المتطرفة .
. حذر من أن أي مشروع لأسلمة سوريا سيهدد التنوع الثقافي والديني لهوية البلاد .
. التزام ( قسد ) بضمان حماية أمن جيرانها في إشارة إلى تركيا ، واستعداده للعمل مع دمشق لوضع تدابير تضمن عدم تهديد دول الجوار .
– من المرجح بأن رفض ( قائد قسد ) المبطن تسليم السلاح وحصره بيد الدولة ، ومطالبته بإقامة إدارة ذاتية أو إقليم كردي إضافة إلى تحذيره من اسلمة الدولة ، كلها شروط قد لا تلقى قبولا من الإدارة الجديدة ولا حتى من الأتراك ، ما ينذر باحتمال رفع وتيرة العنف شمال شرق سوريا ،خاصة بعد تهديد انقرة بأنها ستفعل كل ما يلزم لضمان أمنها إن لم تتمكن الإدارة السورية الجديدة من معالجة المخاوف بشأن الجماعات الكردية ، يأتي هذا في الوقت الذي تؤكد فيه إسرائيل دعمها ل( قسد ) كونها حليف للغرب ،ولدورها المهم بقطع طرق إمداد الأسلحة الإيرانية عبر سوريا إلى حزب الله في لبنان ، ومحاربة ( تنظيم داعش ) الذي تصاعد قوته في البادية السورية مؤخرا ، والنقطة الأخيرة الأهم ان وجود قسد ” ضامن ” لبقاء القوات الأمريكية في سوريا والتي تم زيادتها من ( ٩٠٠-٢٠٠٠ ) مقاتل .
– الخلاصة ؛ يرى المراقبون أن اندلاع الفوضى في سوريا تستنزف مقدرات المنطقة لعقود ، ولا تصب في مصلحة أطراف المعادلة الداخلية السورية ابتداء ، ولا في مصلحة دول الجوار ، ولكنه يخدم طرفا واحدا يدفع باتجاه إثارة الفتنة في سوريا تعبيرا عن رفضه سقوط النظام السابق وإضعاف حلفائه بالمنطقة من جهة ، ولتخفيف حدة الضغوط الأمنية والعسكرية التي قد تستهدف قدراتها النفطية والصاروخية والنووية من جهة ثانية .
– تقتضي الضرورة تحرك ( الداخل والجوار السوري ) في إطار الجامعة العربية للتوصل لتفاهمات وصيغة تضمن وجود إدارة محلية مدنية للأكراد ، وأن يتم تذويب قواتها ضمن أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية أسوة ببقية الفصائل .