طلال أبوغزاله يكتب : حمائم السلام دائما ترفرف من قطر
ليس جديداً على قطر مسعاها الخيّر للوقوف بين “خصمين “، إذ لطالما كانت السبّاقة لإنصاف الأطراف المتنازعة أينما كانوا، وهي لا تتوانى ببذل الجهود لإنصاف الأطراف المتنازعة بخلقِ فرصٍ استثنائيّة للتفاهم وللحدّ من الصِراع..
لم يسبِق لقطر أن خَسِرَت وساطتها في أيّ مسعى، بل لطالما استطاعت في معظم جولاتها الخيّرة النيّرة أن تكسب رضى جميع الأطراف التي تجد كل مرّة في قطر ملاذها الآمن، لإنهاء الاستنزاف الحربي الذي عادة يأخذ مساراتٍ تصعيديّة، لا تعود على “المفتري ” بغير الانزلاقات التي لا يعرف كيف يخرج منها، وهنا يأتي دائماً دور الدوحة لتكون الجسر الواصل لبرّ الأمان، واليد الطولى التي تقدّم طوق النجاة، وبوصلة الطريق للخروج من المأزق في الوقت المناسب..
فالحرب التي أشعلتها أيادي الاحتلال البارعة في الغدر والخراب والحقد والغل والاستغلال، وعاثت في غزّة الفوضى والدمار، وشرّدت النساء والشيوخ والأطفال، وقتلتْ وسعتْ لشطب أسماءَ عائلاتٍ بأكملها من السجلّ المدني، وروّعتْ دون استثناء جميع الآمنين، ولم يسلم من ظلمها وجورها وغوغائها ووضاعتها بشر أو حجر، لم توقفها الولايات المتّحدة الأمريكيّة التي موّلت على أكمل وجه، ولم يكبحها الاتحاد الأوروبي الذي ساهم دون رفّة جفن أو رادع من ضمير، ولم تضع ختاماً لسيناريوهاتها الغثّة التي كتبها “نتنياهو ” وحكومته الرعناء.. بل العناية الإلهية التي تجلّت في تمكين “قطر ” بلد الصفاء ومهد اليقين ألهمتْ قطر بأن وقف إطلاق النار “خير ” لما عاناه وما زال يعانيه الشعب الفلسطيني..
لقد قالت قطر كلمتها.. حدّدت صباح اليوم التاريخي المَشهود 19/1 /2025 لوقف إطلاق النار، لهذا كانت آلة الحرب المسعورة تكثّف من اعتداءاتها لحصد المزيد والمزيد من الأبرياء في اليومين الأخيرين اللذين سبقا الاتفاق لوقف النار، وقد أظهرت للعالم أجمع تعطّشها للدم والإجرام، ولم يَكْفِهَا المجازر والإبادات الجماعيّة بحقّ الشعب الفلسطيني الذي لم يبدأ منذ عام ونصف فقط بل منذ مجزرة “دير ياسين ” التي بدأت في نكبة ١٩٤٨ وما تزال حتى يومنا هذا..
وقطر حتماً لن يقف دورها إلى تلك المناسبة بل سيتعداها إلى التفاصيل القادمة فقد تعهدت بترميم المشافي، وفتح المدارس، وتأمين البيوت المُسبقة الصنع لإيواء النازحين من أبناء غزة المُرهقين ما بين شمالٍ وجنوب، وتعهّدت مع الجانب المصري والأميركي بإيصال المئات من شاحنات المساعدات الإنسانية العاجلة، لإغاثة المتضررين.. شكراً قطر وشكراً مصر وشكراً أميركا.
والشكر الأكبر للشعب الفلسطيني الذي صمد، وسطّر ملاحم الانتصار بدمِه وبأجساد أطفاله ونسائه وشيوخه وأبطاله وأشلاء فلسطين المحاصرة والمهددة في كل يوم أكثر مما سبقه لأن الاحتلال بلا ذمّة وبلا ضمير ولا يحب السلام ولا الأمان وا الهدوء كما يدّعي، لهذا وريثما يأتي الحلّ النهائي لمعضلة الاحتلال سأقول اليوم وكل يوم شكراً لغزّة التي جعلت من صمودها أيقونة للنصر بشهادة العالم أجمع.