كتب: رضا الحصرى 

إعلم يا عزيزي ان هناك دول اجتمعت وتجمع رأيها “مجموعة لاهاي” ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي .. وذلك في سابقة هي الأولى منذ قيام هذا الكيان الاختلالي الدموي المغتصب في منطقتنا العربية .. 

 

جاء ذلك حيث أعلنت تسع دول “ليس بينها أي دولة عربية” .. عن تدشين أول تجمع دولي أُطلق عليه “مجموعة لاهاي” بهدف ملاحقة العدو الإسرائيلي في المحاكم الدولية، والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية (المحتلة عقب 1967).

 

وتلك الدول هي: “جنوب أفريقيا وماليزيا وكولومبيا وبوليفيا وكوبا وهندوراس وناميبيا والسنغال وجزر بليز”.

 

حيث قررت المجموعة أنها لن تكتفي بملاحقة العدو قضائيًا فحسب بل ستُحاصره سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا من خلال اتخاذ الإجراءات التالية:

 

١- تنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق “نتنياهو وغالانت” في حال وصول أيٍّ منهما إلى أراضي أيٍّ من الدول التسع.

 

٢- منع تصدير أو توفير أو نقل الأسلحة للعدو.

 ٣- منع رسو أي سفن تنقل أسلحة أو وقودًا للعدو في موانئ أيٍّ من الدول التسع.

 

وقد يقول البعض إن هذه دول صغيرة – عدا ماليزيا – وتأثيرها ليس كبيرًا .. وهذا صحيح ولكن برأيي أن تدشين التجمع ذاته يمثل خطوة جريئة لكسر المحظور وإعلان عصيان على “الابن المدلل’ لأمريكا ..

 وتحديًا جديدًا يوجّه للعدو الغاصب المحتل رسالةً مفادها أن ما قبل الطوفان ليس كما بعده حتى لو كانت أمريكا بكل عظمتها إلى جانبه ..

 

كما أن مجرد تشكيل هذا التجمع بهذا العدد من الدول يعني أنه سيفتح الطريق أمام التوسع ..

 وقد تنضم إليه دول ذات نفوذ وتأثير أكبر مما يشكل تهديدًا حقيقيًا للعدو .. وهو يدرك ذلك تمامًا وسنرى ردود فعله في الأيام القادمة ..

 

لكن على الرغم من أن هذه الدول تبدو صغيرة نظريًا من حيث التأثير على المشهد الدولي عمومًا، فإنها عمليًا قادرة على إلحاق ضررٍ لا يُستهان به بالعدو. وسنضرب بعض الأمثلة على سبيل المثال لا الحصر عن أوراق الضغط التي تمتلكها هذه الدول:

 ١- هذا هو أول تكتل دولي رسمي ضد العدو، يجمع بين دولٍ كانت علاقتها به متوترة تاريخيًا مثل كوبا، بوليفيا، وماليزيا، ودولٍ كان لها معه تعاون اقتصادي وعسكري مثل كولومبيا، جنوب أفريقيا، ناميبيا، السنغال، وهندوراس. هذا يمنح التجمع قوةً قائمة على تكامل الأدوار بين دولٍ لها تاريخ طويل في مناكفة العدو سياسيًا وأخرى كانت لها معه علاقات قوية نسبيًا قبل الطوفان، وكان العدو يأمل في استعادتها بعد انتهاء الحرب.

 

٢- كولومبيا من أكبر مصدّري الفحم للعدو، وكان الفحم الكولومبي قبل الطوفان يشكّل 65% من إجمالي وارداته من الفحم. ومنذ بدء الطوفان، أوقفت كولومبيا التصدير. كما أن حجم الصادرات العسكرية من العدو إلى كولومبيا كان يقارب 200 مليون دولار، وهذا كله سيتوقف تمامًا.

 ٣- جنوب أفريقيا، على الرغم من مواقفها القوية المؤيدة لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم ومعارضتها لسياسات الاحتلال في الضفة الغربية، إلا أنها كانت تجمعها بالعدو علاقات اقتصادية وتعاون عسكري مهم. على سبيل المثال، 15% من واردات العدو من الفحم تأتي من جنوب أفريقيا ..

كما أنها كانت تمثّل بوابة العدو إلى أفريقيا نظرًا لثقل دورها الإقليمي، فضلًا عن كونها سوقًا مستهدفًا للصناعات الأمنية والسيبرانية الإسرائيلية.

 

٤- ماليزيا، كولومبيا، وكوبا تتحكم موانئها الاستراتيجية في حركة التجارة في شرق آسيا وأمريكا اللاتينية، إلى جانب ناميبيا وجنوب أفريقيا والسنغال الذين يتحكمون في حركة التجارة في أفريقيا ..

وكذلك من جنوب وغرب القارة إلى أوروبا ..

 هذا يعني أن هذه الدول قادرة على إحداث مشاكل لوجستية كبيرة للعدو فيما يتعلق بنقل الأسلحة والوقود والتجارة عمومًا .. بل ويمكنها الإضرار به اقتصاديًا بشكل مؤثر.

 

وختاما.. مثل هذا الحدث .. بقدر ما هو مفرح فإنه مؤلم أيضًا إذ يترك في القلب غصة ومرارة لأن هذه المواقف تأتي من دول لا تجمعها بفلسطين أي روابط قومية أو أيديولوجية أو عرقية أو ثقافية ..

 وإنما هي مواقف أخلاقية بحتة في المقابل فإن بعض الدول أخوة الدم والدين والعرق لا يكتفون بخذلان إخوانهم فحسب .. بل بعضهم يشاركون في خيانتهم .. ويقفون إلى جانب العدو في القضاء عليهم إما في الظاهر واما في الباطن .. وأخيراً اللهم عليك بالكيلن المحتل الإسرائيلي المغتصب فانه لا يعجزك وانصر المستضعفين في فلسطين يارب العالمين.

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى