أميركا وتحريد حزب الله من السلاح

اسعد بني عطا

-يواصل البيت الأبيض ضغوطه على بيروت لمنع تمويل ( حزب الله ) بالتزامن مع اقتراب موعد زيارة ( الموفدة الأمريكية / مورغان أورتاغوس ) التي سبق لها أن عبّرت عن ” امتنان بلادها من إسرائيل التي ألحقت الهزيمة بالحزب ” ، وأشارت مصادر لبنانية إلى احتمال أن تطرح ( اورتاغوس ) خلال زيارتها تشكيل لجان لإجراء مفاوضات بين لبنان واسرائيل ، ووضع جدول زمني لنزع سلاح الحزب باعتباره الناظم الأساسي لاتفاق وقف إطلاق النار مقابل إعادة إعمار لبنان ، وتوقف المراقبون خلال الأيام الماضية عند الملاحظات التالية :

• في اعقاب الحرب الاسرائيلية الأخيرة على لبنان والخسائر البشرية والمادية الفادحة التي منيّ بها الحزب وتراجع نفوذه السياسي والعسكري والأمني في الداخل والخارج اللبناني ، ورضوخه لاتفاق لوقف اطلاق النار ( ١١/٢٧ ) باتت قدراته ومصادره المالية محدودة ومحاصرة ، وأصبح لزاما على الدولة وضع جدول زمني لتفكيك منظومة الحزب العسكرية والمالية .

• رغم الأضرار الجسيمة التي لحقت بالحزب ، إلا أنه ما زال يعتمد سياسة المماطلة وكسب الوقت لمواجهة ضغوط المجتمع الدولي ، مراهناً على تراجع الضغوط الإقليمية والدولية تدريجاً ما يتيح له التملص من تنفيذ أي اتفاق لا يصب بالنهاية في مصلحته كما فعل مع القرار ( ١٧٠١ ) ، وعلى الرغم من أن الحزب يبدي نوعا من المهادنة محليا إلا أنه ينشط خارجيا بزعزعة الاستقرار في المنطقة تبعا للأجندة الإيرانية ؛ إذ أكد الحزب على ضوء الضربات الاسرائيلية التي جاءت ردا على إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على لسان أكثر من مسؤول بينهم ( رئيس كتلة حزب الله النيابية / محمد رعد ) أن أولويات الحزب في هذه المرحلة ، هي :

. التمسك بالموقف الرسمي والالتزام بوقف إطلاق النار ، والطلب من الدولة اللبنانية معالجة تهديد إسرائيل وإنهاء الاحتلال بالوسائل الدبلوماسية ، رغم أن الحزب لم يلتزم بالانسحاب من جنوب الليطاني بشكل كامل .

. إعادة الإعمار .

. صون ‏السيادة وتحقيق الإصلاح في بنية الدولة والحرص ‏على الشراكة الوطنية .

. رفض تسليم أسلحة الحزب للجيش اللبناني ، وقد أكد ( النائب علي مقداد كتلة الوفاء للمقاومة ) بأن الحزب لن يسلم سلاحه لأن لبنان تحت تهديد دائم من اسرائيل منذ ( ٧٠ ) عاما ، مؤكدا بأن الحزب ملتزم ببنود القرار ( ١٧٠١ ) دون أي شروط إضافية ، بمعنى التزام الحزب بالانسحاب إلى شمال الليطاني فقط .

-أما الموقف غير المعلن للحزب فقد انصب على :

. توظيف الموارد لترميم الحزب من خلال تهريب ملايين الدولارات من إيران إلى لبنان بمختلف الطرق ، وعن طريق ( مؤسسة القرض الحسن ) أحد أهم الاذرع المالية التي لم تؤثر الضربات العسكرية الاسرائيلية لمقراتها على نشاطها فيما يبدو ، ولا العقوبات الأمريكية التي فرضت عليها منذ عام ( ٢٠٠٧ ) بتهمة نقل الأموال بشكل غير مشروع من خلال حسابات وهمية تحت أغطية إنسانية .

. معالجة الخلافات الداخلية حول إستراتيجية احتواء الهجمات الإسرائيلية ؛ ويجري الحديث عن انقسام داخل صفوف الحزب بين تيار يؤيد تسليم السلاح الثقيل والمتوسط للجيش اللبناني بغضون ستة أشهر ، والإلتزام بالموقف السياسي المعلن بالوقوف خلف الدولة ، وبين رافض للتخلي عن السلاح ، كما بدأ جليا أن القيادة المركزية الحالية للحزب غير قادرة على ضبط المجموعات والفصائل المسلحة التي تعمل في الجنوب .

. مواصلة الحزب ممارسة نشاطه التنظيمي جنوب لبنان ، حيث تمكنت قوات الاحتلال من اغتيال ( أحمد بجيجة قائد كتيبة في قوة الرضوان، وحسن كمال حلاوي قائد منظومة الصواريخ المضادة للدروع في جبهة الجنوبية ) .

. العمل على زعزعة الاستقرار وإثارة الفتنة الطائفية في سوريا ، حيث ضبطت السلطات السورية خلايا تابعة للحزب خططت لتنفيذ عمليات في عدة مناطق ، آخرها في منطقة السيدة زينب .

. مساعدة الحزب للحوثيين بإنشاء ثلاث قواعد / مدن عسكرية تحت الارض لإطلاق الصواريخ الباليستية في محافظة صعدة في : البقع ، جبل كتاف ووادي عشيش التي فشلت قاذفات ( B52 ) الأمريكية في تدميرها بصواريخ : ( Bunker, Busters ) شديدة الانفجار حسب صحيفة ( وول ستريت جورنال ) .

-من جانبها اتخذت الدولة اللبنانية سلسلة من الإجراءات للوفاء بالتزاماتها أمام المجتمع الدولي لعل ابرزها :

. ضبط الحدود البرية والجوية والبحرية اللبنانية من خلال : إجراء تعيينات ومناقلات بمطار رفيق الحريري الدولي لشخصيات مقربة من الحزب ، منع الطائرات الإيرانية من الهبوط في المطار ، تشديد الرقابة على القادمين من ايران والعراق ولو عبر دولة ثالثة بهدف اغلاق الشريان المالي الذي كان مفتوحا من قبل ايران ، وأسفرت الإجراءات عن ضبط ملايين الدولارات الموجهة من إيران إلى الحزب ، الأمر الذي سيضطره للبحث عن أساليب جديدة للحصول على أموال هو بأمس الحاجة اليها لتمويل عناصره اولا ، والوفاء بتعهداته تجاه دعم جمهوره ومساعدتهم ماليا لإعادة بناء ما تهدم نتيجة الحرب ، والتعويض عن الخسائر المادية والبشرية ثانيا .

. تعزيز الإجراءات الأمنية على الحدود والمعابر غير الشرعية .

-اخيرا ، هناك ترقب إقليمي ودولي لنتائج زيارتي ( الرئيس / جوزيف عون ) الى فرنسا والسعودية بالتزامن مع تأكيد ( رئيس الوزراء نواف سلام ) أن الدعم الدولي لإعادة الإعمار مشروط بالتنفيذ الكامل للقرار ( ١٧٠١ ) ويتضمن إزالة السلاح غير الشرعي من شمال وجنوب الليطاني .

-سقوط النظام السوري وتراجع نفوذ خط الممانعة / المقاومة قد يؤدي في نهاية الأمر إلى نزع سلاح حزب الله وتحوله إلى حزب سياسي ، لكن هل سيؤدي هذا إلى تحقيق السلام المنشود ؟ أم أنه سيفتح شهية اليمين الاسرائيلي لمزيد من التوسع وتهجير السكان في الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان وسوريا وغيرها من دول الإقليم ، غير عابئة بالقانون الدولي ولا المجتمع الدولي ؟

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى