المساعدات الأمريكية والخيارات الأردنية

اسعد بني عطا
قررت الخارجية الأميركية تجميد المساعدات الأجنبية التي تقدمها ( الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية / USAID ) من أموال الموازنة العامة والتي تجاوزت ( ٧٢ ) مليار دولار لادارة برامج في ( ١٢٠ ) دولة على مستوى العالم ، بعضها تصنف على أنها الاشد فقرا من خلال ( ٢٠ ) ألف موظف ، وذلك اعتبارا من (١/٢٥) تمتد ( ٩٠ ) يوما ، ما يعني تجميد وإغلاق ( ٥٢٠٠ ) من مشروعا لحين تدقيقها والتأكد من توافقها مع أولويات الإدارة الجديدة ، واستثنى القرار المساعدات المقدمة لكل من مصر وإسرائيل ، وبررت الإدارة قرارها بما يلي :
. تهم تتعلق بتفشي الفساد في الوكالة .
. هدر المال العام ، وإنفاق عشرات المليارات من الدولارات بطرق لم تخدم المصالح الوطنية ، بل وأضرت بها في بعض الأحيان .
. تقديم مساعدات ضخمة لمنظمات إسلامية وصفتها الإدارة الأمريكية خصوصا ( ايلون ماسك ) بالإرهابية ، إضافة إلى بعض الدول التي ” تكره ” الولايات المتحدة .
-أثار القرار ردود فعل دولية سلبية سواء على الصعيد الدولي أو بين موظفي الوكالة ، حيث :
. اعترض ( مجلس العلاقات الإسلامية كير ) على انتقادات للإدارة الأمريكية بشدة ، وطالب بالتوقف عن نشر التصريحات المعادية للإسلام والمسلمين .
. وجّه مئات الدبلوماسيين الأمريكيين رسائل ل( وزير الخارجية / ماركو روبيو ) احتجاجا على تفكيك ( USAID ) لأن غيابها يقوض زعامة وأمن أميركا ، ويترك فراغا ستملأه الصين وروسيا .
. أصدر أكثر من قاضٍ فيدرالي حكما لصالح المنظمات غير الربحية والشركات التي رفعت دعوى قضائية بسبب تجميد التمويل ، حيث أجبرت على تقليص خدماتها حول العالم ، وتسريح آلاف العمال ، وأمهل القضاء ( إدارة ترامب ) فترة من الوقت لسداد ( ٢ ) مليار دولار من الديون المستحقة لشركاء الوكالة والخارجية .
-آخر التطورات كانت تأكيد الإدارة الامريكية رسميا حلّ ( الوكالة ) بتاريخ ( ٣/٢٨ ) في إطار خفض المساعدات الخارجية للولايات المتحدة ، وذكر ( وزير الخارجية ماركو روبيو ) أن الخارجية والوكالة أبلغتا الكونغرس بتوجههما لإعادة هيكلة تشمل نقل بعض مهام الوكالة إلى وزارة الخارجية بحلول ( ٢٠٢٥/٧/١ ) ، وإلغاء برامج لا تتماشى مع أولويات الإدارة لأن الوكالة ابتعدت عن مهمتها الرئيسية ، مؤكداً ضرورة إعادة توجيه المساعدات الخارجية بما يخدم مصالح أميركا ، وان بعض البرامج الأساسية لإنقاذ الأرواح ستظل قائمة ، وسيتم توجيه الاستثمارات لدعم الشراكات الاستراتيجية التي تعزز مكانة البلاد ، وكشفت مصادر إعلامية أنّ ( USAID ) أعادت ( ٣٩٪ ) من دعم برامجها بالاردن ، وألغت تمويل ( ٦١٪ ) من المشاريع في مجالات : الإعلام ، المجتمع المدني ، المرأة ، الاستثمار والتجارة ، البنى التحتية ، المجتمع المدني ، التعليم الأساسي ، الحوكمة الرشيدة ، التعليم العالي والقدرة التنافسية للقطاع الخاص ، وأبقت على مشاريع قطاعي الصحة والتربية ودعم التعليم والمشاريع المتعلقة بالأمور السياسية والأمنية ، وفيما يتعلق بالدول العربية الأخرى ألغت الوكالة من قيمة دعم المشاريع ما يلي :
. العراق ( ٩٣٪ ) .
. ليبيا ( ٨٤٪ ) .
. تونس ( ٨٤٪ ) .
. مصر ( ٨٤٪ ) .
. لبنان ( ٢٩٪ ) .
. سوريا ( ١٣٪ ) .
. ما نسبته (١٠٠٪) من المشاريع المدعومة في ( ٣٦ ) دولة أخرى .
-تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أكبرَ دولة مانحة للمساعدات عالميًا ، إذ أنفقت ( ٧٢ ) مليار دولار ( ٢٠٢٣ ) ، ويحتل الأردن المرتبة الثالثة دوليا من حيث حجم المساعدات التي قدمتها واشنطن بعد أوكرانيا وإسرائيل ، إذ تلقت المملكة منذ عام ( ١٩٥١ ) أكثر من ( ٢٦ ) مليار دولار حسب تقرير السفارة الأميركية في عمّان ، ووقّع الأردن والولايات المتحدة مذكرة تفاهم في ( ٢٠٢٢/٩ ) تقدم بموجبها واشنطن مساعدات مالية بقيمة ( ١،٤٥ ) مليار دولار سنويا للفترة ما بين ( ٢٠٢٣-٢٠٢٩ ) ، ثم تبِع هذه المذكّرة اتفاقية منحة مالية جديدة ( ٢٠٢٤/١٢ ) بقيمة ( ٨٤٥،١ ) مليون دولار لدعم الموازنة العامة ، وهو أكبر التزام متعدد السنوات بالمساعدات للمملكة ، وبلغت المساعدات الأمريكية للأردن عام ( ٢٠٢٣ ) ( ١،٧ ) مليار دولار في واحد من أعلى المستويات التي حصل عليها الأردن ، وتشمل المساعدات ( ١،٠٣٥ ) مليار دولار اقتصادية ؛ ( ٦١٠ ) مليون كدعم مباشر للخزينة ، ( ٧٥ ) مليون لدعم جهود التحديث الاقتصادي وإصلاح القطاع العام ، ( ٣٥٠ ) مليون لتنفيذ مخططات التنمية ذات الأولوية التي تنفذها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بالتعاون مع الحكومة ، ( ٤٠٠ ) مليون دولار عسكرية .
-القرار الأمريكي بتقليص المساعدات المقدمة للأردن بنسبة ( ٣٩٪ ) يعني أن المملكة ستتلقى ( ٥٦٥٥ ) مليون دولار من اصل ( ١,٤٥ ) مليار دولار سنويا لغاية ( ٢٠٢٩ ) لتغطية قطاعات محدودة ، هي مشاريع : الصحة ، التعليم ، السياسية والأمن فقط ، ما سيلحق الضرر ببرنامج الإصلاح الاردني ” العشري ” الذي يعتمد بالأساس على المساعدات الخارجية ، ناهيك عن أن القرار سيؤدي إلى تعميق الحالة الاقتصادية التي تلقي بظلالها على المملكة حيث تتصدر دول المنطقة بحجم البطالة المرتفع ، ومن نافلة القول أن القرار الذي يعود بالاصل لتراجع الاقتصاد الأمريكي الذي اضطرت الإدارة الجديدة معه لتقليص المساعدات الخارجية ، وهو ما يدفعنا مجددا للحديث عن أهمية الاعتماد على الذات ، والبدء بالبحث عن علاقات دولية مثمرة ، وتعميق علاقة الاردن مع أقطاب النظام العالمي الجديد المُتغير والقوى الفاعلة فيه ، مستفيدين من الاحترام الذي يحظى به النظام الاردني .