انفلات وبائي في سوريا……… تصاعد مخيف
مع التفشي المتصاعد لفيروس كورونا المستجد في سوريا، بدأت بعض المستشفيات في محافظات دمشق واللاذقية وريف دمشق، بنقل عدد من المرضى المصابين، إلى مستشفيات بمحافظات أخرى مجاورة، وذلك لارتفاع أعداد المصابين فيها، وامتلاء المستشفيات في المحافظات الثلاث بنسبة 100 في المئة.
فقد تم بدء نقل المرضى من محافظتي دمشق وريفها إلى مستشفيات في محافظة حمص وسط البلاد، فيما تم نقل مرضى من محافظة اللاذقية الساحلية غربي البلاد، إلى مستشفيات في محافظة طرطوس الساحلية المجاورة.
ودعت وزارة الصحة السورية، إلى ضرورة الالتزام التام بالإجراءات الاحترازية والوقائية، كالتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات وغسل الأيدي، وأخذ اللقاحات المضادة، في وقت تشهد فيه البلاد تسجيل معدلات إصابات ووفيات متصاعدة وغير مسبوقة.
ورغم أن الحصيلة الرسمية السورية، تشير للآن إلى تسجيل نحو 35 ألف اصابة، مع أكثر من 2200 حالة وفاة، لكن الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد، ووجود مناطق واسعة خارج سيطرة الحكومة السورية، يجعل من هذه النسب الرسمية، بحسب خبراء صحيين غير دقيقة تماما، ولا تعكس حقيقة الانتشار الفيروسي الواسع.
وللوقوف على حقيقة الوضع الوبائي في سوريا، تحدث الدكتور محمد الشرع مؤسس منصة “سماعة حكيم” الطبية السورية من العاصمة دمشق، مع موقع “سكاي نيوز عربية” قائلا :”الفيروس لم ينتشر حديثا في سوريا بالطبع، فهو موجود منذ بدء ظهور الجائحة، لكن ما تم مع هذا الانفلات الوبائي الحالي، هو تحول تسطح المنحنى الوبائي وانخفاض الإصابات، لتصاعد مخيف وذلك خاصة بفعل ظهور المتحور الفيروسي الجديد المنتشر عالميا”.
وهناك عامل آخر أسهم في تشخيص عدد أكبر من الحالات، كما يشرح الطبيب السوري بالقول: “وهو توفر قدرة مخبرية جيدة حاليا، لدى المشافي والمختبرات السورية الحكومية والخاصة، وازدياد عدد الأجهزة القادرة على المسح والتشخيص”.
ويردف الشرع معددا العوامل المسببة لارتفاع حالات الإصابة :”البلد لم يتخذ إجراءات اغلاق، فالمطارات مثلا مفتوحة، والمدارس والجامعات، والاختلاط والازدحام على أشده في معظم الأماكن العامة، وبطبيعة الحال هناك عدم التزام من الناس ولا مبالاة، والسبب أن ثمة قضايا حياتية أهم، تشغل الشعب السوري أكثر من الاكتراث للفيروس مع الأسف، فربطة الخبز وجرة الغاز هي ما تشغل باله قبل أي شيء آخر، والوضع الاقتصادي الخانق، يجعل الناس مجبرين للنزول للأسواق والعمل، لتأمين قوت يومهم، والوضع المزري العام حيث المواصلات الخاصة مكلفة، والمحروقات شحيحة وباهظة الثمن، ما يضطر الناس لاستخدام المواصلات العامة المزدحمة، ما يسهم في ارتفاع معدلات الإصابة”.
ويتابع الطبيب السوري: “ثمة انتشار سريع للفيروس ومتحوراته، وأعراض شديدة لدى المصابين، وسط العجز عن التمييز بين الانفلونزا وكوفيد – 19، خاصة وأن الطقس بدأ بالتبدل نحو البرودة مع دخول فصل الخريف، فلا توجد معايير حقيقية لتمييز الفيروسين سوى عبر مسحة بي سي ار، وحتى المسحة أحيانا تكون غير دقيقة”.
ولعل من أهم أسباب هذا الانفلات الوبائي يختم الشرع: “عدم التزام أفراد المجتمع السوري بصورة عامة، بأخذ اللقاحات كما يجب، فصحيح أنه قد تم تلقيح نسبة من المواطنين، لكن ليس بدرجة كافية، وعملية التلقيح لا تسير بالشكل المطلوب”.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، تقتصر نسبة الذين تلقوا جرعة لقاحية واحدة على الأقل في سوريا، على 2 بالمئة فقط.
وأوقع النزاع الذي اندلع في سوريا، في العام 2011 نحو نصف مليون قتيل، ودمر قطاع الرعاية الصحية الذي هاجر قسم كبير من أفراد طواقمه.
ومنذ العام 2011، غادر البلاد نحو 70 في المئة من أفراد طواقم الرعاية الصحية.