د. أسعد عبد الرحمن يكتب: استهداف إسرائيلي للطفولة الفلسطينية: كيف ولماذا؟!
مع اقتراب اليوم العالمي “ليوم الطفل العالمي” في العشرين من تشرين الأول/نوفمبر من كل عام، مازال الطفل الفلسطيني يواجه بشكل يومي الاعتداءات التي ترتكب بحقه من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي أو من المستعمرين/ “المستوطنين” في الضفة الغربية والقدس الشرقية وبخاصة أثناء مرور الطفل على الحواجز العسكرية متوجها إلى مدرسته، وحتى وهو عائد. فالطفل الفلسطيني هو الوحيد بين أقرانه في العالم الذي ينمو ويترعرع في أجواء الخوف والرعب والقلق والحرمان. وهو ربما يولد لأب شهيد أو معتقل، وقد يكون أخا لشهيد أو معتقل، وقد يهدم البيت الذي يعيش فيه.
منذ نكبة 1948، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، في إطار تصعيد انتهاكاتها ضد أبناء الشعب الفلسطيني، استهداف الأطفال الفلسطينيين. وفي هذا السياق، وثقت “الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين” استشهاد 29 طفلا على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، فقط منذ بداية العام الجاري. وقالت “الحركة العالمية”: “المعطيات التي نجمعها من الميدان تشير إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف الأجزاء العليا من الجسد بشكل ممنهج عند إطلاقها النار صوب الأطفال الفلسطينيين، إما بقصد القتل أو بقصد ترك عاهة دائمة، وأن الاستخدام المفرط للقوة هو القاعدة”. وجددت “الحركة” التأكيد على أنه “طالما لا يوجد محاسبة ومساءلة لقوات الاحتلال الإسرائيلي على جرائمها بحق الأطفال الفلسطينيين، فإنها ستمضي في استهدافهم بقصد القتل، أو الإصابة، أو الاعتقال، أو الترهيب، مستغلة حالة “الإفلات من العقاب” التي تتمتع بها، الأمر الذي يتطلب من المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل معاقبة جميع مرتكبي الجرائم الإسرائيليين الذين يقتلون الأطفال الفلسطينيين أو يسببون لهم الإعاقات الدائمة، في انتهاك مباشر للقانون الدولي”.
لطالما وقع الطفل الفلسطيني في ميدان الاستهداف الإسرائيلي بالقتل، والأسر، والترويع، والتنكيل، والتعذيب الجسدي والمعنوي. فدولة الاحتلال تجهد لاستئصال أي جيل فلسطيني، وتتعامل مع الطفل الفلسطيني باعتباره “فدائيا/ مقاوما” لها في المستقبل، وبالتالي هو لا يستحق التمتع بحقوق الأطفال العالمية. وقد تمادت دولة الاحتلال في اضطهاد الطفولة الفلسطينية، وهي تتعامل مع هؤلاء الأطفال باعتبارهم مكونات خطيرة قادرة على القتل لذا فاستهدافها مباح، إما بالقتل المباشر، أو الاعتقال ما يعرضهم لما يتعرض له الكبار من قسوة التعذيب الجسدي والنفسي في سجون الاحتلال، ناهيك عن المحاكمات الجائرة المتعاكسة مع القانون الدولي واتفاقية الطفل.
في عام 1954، أُعلن “يوم الطفل العالمي” باعتباره مناسبة عالمية يُحتفل بها في 20 تشرين الأول/ نوفمبر من كل عام لتعزيز الترابط الدولي وإذكاء الوعي بين أطفال العالم وتحسين رفاههم. لكن في فلسطين، يتعرض الأطفال إلى مقارفات متواصلة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وتتواصل مشاهد الألم وعذابات الأطفال. واستنادا إلى الإحصاءات والشهادات الموثّقة للمعتقلين الأطفال؛ أكد (نادي الأسير) أن “ثلثي الأطفال المعتقلين تعرّضوا لشكل أو أكثر من أشكال التّعذيب الجسدي، فيما تعرّض جميع المعتقلين للتّعذيب النّفسي خلال مراحل الاعتقال المختلفة”.
استهداف الأطفال الفلسطينيين (باعتبارهم “مقاومون مستقبليون”) سياسة إسرائيلية ثابتة ينتهجها الكيان الصهيوني لبث الخوف في نفوسهم ولقتل الأمل عندهم، ولضرب مستقبل الشعب الفلسطيني عبر قتل أطفالهم أو هدم النفوس عند جيل يافع يشكل المخزون الاستراتيجي للشعب الفلسطيني.