هل يعطي العراق درسا إقتصادي للأردن؟
كتب أ.د. محمد الفرجات
قرأت بالأمس مقال للمحلل والكاتب الإقتصادي سلامة الدرعاوي كان عنوانه “ضربة إقتصادية موجعة”… وقد إطلعت على التفاصيل وكان ملخص المقال أن الحكومة العراقية قد رفعت الضرائب والرسوم الجمركية على مستوردات كثيرة، وجزء كبير منها يشمل السلع التي نصدرها لهم، مما سيجعل صادرات سلعنا الصناعية التي تستورد وتباع في العراق غير منافسة، وسيقل الإقبال عليها بالتدريج ليتوقف إستيرادها.
وذكر المقال بأن مجموع قيمة هذه الصادرات الصناعية الأردنية للسوق العراقية سنويا من أغذية وصناعات بلاستيكية وكيماوية وغيرها تبلغ 645 مليون دينار، وأن الصناعات الإيرانية تحظى بالمقابل بتسهيلات جاذبة للمستوردين العراقيين وتكتسح الأسواق العراقية.
وكان ذلك قد جاء كصدمة كبيرة للإقتصاد الأردني حسب الكاتب، في وقت بعد أن زار فيه وفد إقتصادي أردني كبير العراق، وكانت تبريرات الحكومة العراقية أنها تريد حماية الصناعة الوطنية لديهم، ويضيف الدرعاوي بأننا لن نستطيع تطبيق المعاملة بالمثل، حيث لا نستورد من العراق سوى النفط. …
إنتهى إقتباسنا من مقال الكاتب الدرعاوي مشكورا لمقاله الهام جدا.
الآن علينا أن نذكر بالمقابل بأن الأردن يستورد سنويا من مواد غذائية وصناعات وألبسة ومواد وغيرها بما لا يقل عن 8 مليار دينار أردني، وكلها بالعملة الصعبة، وجزء كبير منها من خارج إتفاقيات التبادل الإقتصادي، وأن جزء منها له بدائل محلية.
ويأتي بالتوازي مع ذلك حقيقة مرة وهي أن نصف مليون شاب وشابة عاطلون عن العمل.
الأسوأ هو بأن هنالك من يضيق على صناعاتنا ويجعلها تغلق وتهاجر… لتفتح بدلا منها مولات تبيع مواد مستوردة وتشغل البنغال والفلبينيات وعمالة وافدة من رعايا دول عديدة.
يبدو بأنه لا أحد يستطيع كبح جماح حيتان المستوردين، وأن مجرد الحديث في هذا الملف هو مواجهة خطيرة جدا، وأن أي فكر لدعم الصناعة الوطنية والإعتماد على الذات يقاوم ويجرم ويغرم صاحبه بالإقصاء.
حتى مشروع جلالة الملك النهضوي والإعتماد على الذات والتعاون الإقتصادي عبر إنشاء صندوق إستثماري سيادي وطني قد حوربا بشدة، وأجهضا عبر قوى الشد العكسي المستفيدة من فقر الشعب وتحويله إلى مستهلك وشعب غير منتج وكسول، وشباب عاطل عن العمل يسهر الليل ويدخن الأرجيلة وينتحر ويتعاطي المخدرات والمنشطات وينام النهار، فيهدد ذلك أمننا القومي لأن شبابنا وهم من سيحمل اللواء بعدنا مهدد بالضياع.
كل ما علينا فعله هو مواجهة الحقائق بقوة وبعزيمة، وأن يعلو صوت الوطن فوق كل قوى النفوذ والشد العكسي، وفوق كل من يريد أن يتنعم على حساب بقاء الشعب فقير والبلد يعاني، وشبابه يسهرون في ظلمات الليل وأرجيلته التي إستنزفت صحتهم… ولا يرون الشمس.