انخفاض مؤشر الثقة الاقتصادية في الشرق الأوسط بالربع الثاني من عام 2019
أدّت أسعار النفط المتقلّبة إلى تراجع الثقة الاقتصادية في الشرق الأوسط، وذلك بحسب تحليل الربع الثاني الخاص بالاستطلاع الأحدث للظروف الاقتصادية العالمية (GECS) الصادر عن جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين البريطانية (ACCA) ومعهد المحاسبين الإداريين (IMA).
وأظهر الاستطلاع الذي شمل 1162 محاسباً أنّ الثقة لا تزال أعلى من الحد الأدنى المسجّل نهاية عام 2018، ما يتّسق مع تباطؤٍ اقتصادي عالمي معتدل.
وانخفض مؤشر الثقة الخاص باستطلاع الظروف الاقتصادية العالمية في الشرق الأوسط بمقدارٍ ضئيل في الربع الثاني، إلّا أنه لا يزال أعلى بكثير من المستويات المسجلة خلال النصف الثاني من عام 2018 عندما سجّلت أسعار النفط انخفاضاً حادّاً، إضافةً للأثر الذي خلّفته معدلات الفائدة الأمريكية المرتفعة.
وفي هذا السياق، قالت فازيلا غوبالاني، رئيس جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين البريطانية (ACCA) في الشرق الأوسط: “من الواضح أنّ اقتصادنا ليس منيعاً ضد الضغوطات والتأثيرات العالمية. وتركت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين أثراً جليّاً على الساحة الدولية، بينما يُعدّ انخفاض الطلب العالمي على النفط أحد المخاطر السلبية التي تُهدد الدول المنتجة للنفط. وفيما يخصّ الشرق الأوسط، تُعتبر احتمالية انخفاض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة خطوةً من شأنها إتاحة الفرصة لبلدان هذه المنطقة لتيسير سياستها النقدية، وهو ما يدعو إلى التفاؤل”.
وعلى الصعيد العالمي، تميل الكفة إلى صالح الشرق الأوسط مقارنة بالولايات المتحدة والصين التين أظهرتا مستويات مرتفعة من عدم اليقين، حيث كشفت النتائج في الولايات المتحدة عن انخفاضٍ حادٍّ في الثقة هو الأدنى من نوعه منذ ثمانية أعوام نتيجةً للتوترات التجارية في ظلّ زيادة التعرفات الجمركية إلى 25 في المائة على مجموعةٍ من الواردات. وانخفضت الثقة في اقتصاد المملكة المتحدة عن المستويات التي حققتها في الربع الأول إلّا أنّها لا تزال أعلى من المستويات المسجلة في الربع الأخير من عام 2018.
ولا تزال الرسالة التي يُمكن استخلاصها من استطلاع الظروف الاقتصادية العالمية تشير إلى تحقيق نمو معتدل. وسيكون هذا النمو مقيّداً بشكل خاص بركود الانفاق الاستثماري في الشركات. ونتيجةً لحالة عدم اليقين المرتبطة بخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، فإنّه من المتوقّع أن يبلغ النمو في المملكة المتحدة نسبة 1 في المائة، بينما ترتبط احتمالات النمو للعام المقبل بشكل كبير بنتائج خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي.
واختتمت فازيلا غوبالاني قائلةً: “يُشير استطلاع الظروف الاقتصادية العالمية إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي مترافقاً مع مخاطر سلبية تتجلى في ضعف الثقة. ولا يزال التصعيد الإضافي في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين الخطر الأكبر الذي يُهدّد الاقتصاد العالمي. ومن ناحية أخرى، يعتبر التباطؤ الحاد في الصين وخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق من المخاطر السلبية التي يجب أخذها بعين الاعتبار”.
وقال دكتور رائف لوسون، المحاسب الإداري المعتمد، والمحاسب القانوني العام، ونائب رئيس شؤون البحوث والسياسات لدى معهد المحاسبين الإداريين: “يشهد الاقتصاد الأمريكي حالة تباطؤ، إضافةً إلى ارتفاع مستويات عدم اليقين، وفقاً لاستطلاع الظروف الاقتصادية العالمية حيث يسهم تصاعد التوترات التجارية بشكل رئيسي في ذلك. وعلى الرغم من ذلك، يُرجّح أن يخفّض الاحتياطي الفيدرالي معدلات الفائدة في وقت لاحق من هذا الشهر، ما يسهم في الحفاظ على التوسع اقتصادي الذي استمر 10 أعوام دون انقطاع”.
ويُختتم استطلاع الظروف الاقتصادية العالمية بنظرة على آفاق النمو العالمي الذي لا يزال يشهد تباطؤً يتراوح بين 3 في المائة و3.5 في المائة مقارنةً بـ3.8 في المائة العالم الماضي. ومن الناحية الإيجابية، تمنح معدلات التضخم الأقل من المتوقّعة، خاصة في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، المصارف المركزية الفرصة لتيسير سياستها النقدية.
جميع النتائج الرئيسية تظهر ما يلي:
أمريكا الشمالية: شهدت الولايات المتحدة خلال الربع الأول نمواً قوياً غير متوقّع بمعدل سنوي بلغ 3.2 في المائة، وهو أسرع من نظيره في الربع الأخير من العام الماضي. وأظهرت نتائج استطلاع الظروف الاقتصادية العالمية في الولايات المتحدة بالربع الثاني انخفاضاً حاداً للغاية في الثقة، إلى مستوى قياسي منخفض. وكان من المتوقع حدوث انخفاض في الثقة، وإن لم يكن بهذا الحجم. وذلك لأن الربع شهد عودةً للتوترات التجارية، في المقام الأول بين الولايات المتحدة والصين، والتي خفت حدّتها خلال الربع الأول.
آسيا والمحيط الهادئ: تراجعت الثقة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ خلال الربع الثاني، إلى أدنى مستوى خلال عام. ومن شبه المؤكد أن المخاطر المتزايدة المتوقعة حول النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين كانت عاملاً في ذلك.
أوروبا الغربية: لا يزال اقتصاد منطقة اليورو يعاني من ضعف النمو ومعدلات التضخم الأقل من المتوقّعة. وتعتبر ألمانيا من العوامل الرئيسية المساهمة في هذا التباطؤ، حيث يخضع نموذج النمو المدفوع بالصادرات لضغوطات كبيرة نتيجةً لضعف التجارة العالمية، والطلب الضعيف بشكل خاص من الصين، إضافةً إلى القضايا العالمية التي تُقيّد قطاع السيارات في ألمانيا.
المملكة المتحدة: أدّى التمديد لفترة سبعة أشهر حتى 31 أكتوبر من الموعد المحدد وفقاً للمادة 50 للخروج من الاتحاد الأوروبي إلى زيادة تأثير حالة عدم اليقين التي تكتنف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الاقتصاد. وتؤثر حالة عدم اليقين هذه بصورة سلبية على ثقة الأعمال، كما تراجع مقياس الثقة الخاص باستطلاع الظروف الاقتصادية العالمية في المملكة المتحدة خلال الربع الثاني، أُسوةً برصيد الطلبات. وتتوافق كل من الثقة والطلبات مع معدلات النمو الأدنى من التوجه العام في النصف الثاني من العام.
الشرق الأوسط: تراجع مؤشر الثقة الخاص باستطلاع الظروف الاقتصادية العالمية في المنطقة بشكل طفيف خلال الربع الثاني. ومع ذلك، لا يزال أعلى بكثير من المستويات المسجلة خلال النصف الثاني من عام 2018 الذي شهدت فيه أسعار النفط هبوطاً حاداً وكانت أسعار الفائدة الأمريكية خلاله على مسار تصاعدي. وجاءت معظم مكونات المؤشر الإقليمي أقل بقليل من متوسط المدى الطويل خلال الربع الثاني. ويتّسق ذلك مع النمو في المنطقة الذي يبلغ نحو 1.5 إلى 2 في المائة هذا العام. وهناك نتائج متباينة من تدابير الإنفاق الحكومي حيث تبذل بعض الاقتصادات المزيد من الجهود لتعزيز القطاعات غير النفطية في اقتصاداتها، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية.
جنوب آسيا: تُعد منطقة جنوب آسيا في استطلاع الظروف الاقتصادية العالمية إحدى أكثر المناطق تفاؤلاً في الاستطلاع الأخير. وفيما تُعتبر الهند وباكستان الدولتان المهيمنتان في المنطقة، إلّا أنهما تواجهان تحديات اقتصادية. وتُظهِر البيانات المُنقحة فقدان الزخم في الاقتصاد الهندي على مدار العام الماضي، بقيادة قطاعي الصناعة والزراعة.
وفي الوقت ذاته، يتباطأ الاقتصاد الباكستاني في الوقت الذي يُواجه فيه عجزاً مزدوجاً في الحساب الجاري وعجزاً مالياً.
أفريقيا
خلال الربع الثاني من عام 2019، تحسن مؤشر الثقة الخاص باستطلاع الظروف الاقتصادية العالمية لأفريقيا التي تُعدّ إحدى المناطق القليلة التي شهدت ارتفاعاً في هذا الربع. وتُعدّ احتمالية انخفاض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إيجابية، لأنها تُخفّف الضغط على تدفقات رأس المال خارج القارة.