أحياء المدن الأردنية موائل سكانية تعكس حالة نفسية سيئة… بواقع بيئي تنظيمي صعب !
كتب أ.د. محمد الفرجات
يؤلمني كثيرا رؤية الأطفال الصغار من طلبة المدارس صباحا تضيق بهم الأرصفة المعتدى عليها بأشكال كثيرة، فيضطرون للسير في الشوارع في رحلة الذهاب والمغادرة ما بين بيوتهم ومدارسهم، بينما قد يكون هنالك شاب أرعن مستهتر غير مرخص يقود سيارة والده بجنون وعنجهية…
مشهد آخر مؤلم هو أنقاض عمليات البناء المكومة هنا وهناك، بينما نجد أكوام الحجارة أو الأخشاب أو الحديد تعيق جوانب الأرصفة أو كلها وقد تصل الشوارع.
غياب المتنزهات في الأحياء وإن وجدت فهي مهملة، أو أصبحت مرتعا للخارجين عن القانون بممارسات سيئة لن نذكرها هنا، أما ملاعب الأطفال وساحات إصطفاف السيارات فتعتبر كماليات غابت وتغيب عن ذهن من يخططون مدننا من عباقرة المهندسين.
منغصات المنظر والمظهر العام في الأحياء كثيرة، كبقايا اليافطات الإعلانية والدعايات الانتخابية وحبالها، ودخول الزينكو المقام على واجهات طوب غير قانونية وبلا قصارة ولا طلاء… إلخ،،، أو جدران وأسوار بحاجة للطلاء لأسباب كثيرة…
حفر الأرصفة والشوارع كثيرة .. والكندرين قد يحتاج صيانة، وعلامات تخطيط الشوارع شيء من الماضي بقي منها آثار فقط… كخطوط مشاة باهتة لا يراها مشاة ولا سائق… وأغطية أعمدة الكهرباء مفقودة وأسلاكها قد تقتل طفلا بريء، وعطاءات الحفريات بلا حماية ولا أشرطة تحذيرية غالبا، وورشات البناء مكشفة والمشاة يسيرون قربا منها بلا نطاق عازل للحماية.
من المهم جدا بل والخطير أن نعلم بأن هذه الأحياء هي حاضنات سكانية يعيش فيها الأردنيون، وهي بيئة وموئل ينعكس إلى حد بعيد حالها ووضعها على السلوك والحالة النفسية والتنشئة للأسر وأطفالها والأجيال التي تنشأ فيها، ومقابل ذلك فيجب أن تلاقي الإهتمام الصحيح.
أمام كل ذلك، فالتوعية والمواطنة الصالحة وفرق الأحياء ومبادراتها الإيجابية أمر مطلوب، فبجانب تحسين واقع وشمولية البنى التحتية والفوقية والشبكات والخدمات، يجب بث توعية بمختلف الوسائل لكي نوجد وازع وطني وأخلاقي للحفاظ عليها لأنها للجميع وأمانة وتمول من المال العام.
جدير بالذكر بأن هنالك عطاءات نظافة في المدن الكبرى، ويجب وبشكل دوري ومن خلال ديوان المحاسبة والدوائر الرقابية في المؤسسات التي تعود لها هذه العطاءات، مقارنة ومتابعة واقع النظافة بأدق التفاصيل مع بنود وثيقة العطاء وشروطها المرجعية والعقد الموقع بين الطرفين، ومدى إلتزام هذه الشركات بمهامها وبشكل صارم وحازم.
يزعجني كثيرا أناقة مسؤول لا يسمح بريستيجه تفقد الأحياء التي تدخل ضمن أعمال سلطته التنفيذية، ولا يعلم حال بيئتها وتنظيمها وتحدياتها وأمور السلامة العامة فيها، ولن أقول رفاه أطفالها؛ فهذا أمر لم نصله بعد.
الأمور بسيطة وسهلة جدا، فهي تحتاج المتابعة والحزم فقط.