أبرز المحطات في تاريخ الحروب بين إسرائيل وغزة، والموت حياة الغزيين الشهداء
عمان _ بسام العريان
هاقد أعلن مذياع الموت حياة الغزيين الشهداء
والموت هناك في غزة طعم آخر ..
لونا آخر لا يشبهه الألوان ..
لا ريح له .. لا طعم له .. لا لون له ..
الموت بغزة كالماء ..
الموت بغزة لحن تعزفه كل الأشياء .
تلقاه .. في مدرسة الأطفال
وفي المشفى
في الطرقات .
وفي الحارات ..
وفي الحلم العابر في الكلمات..
في الورد .. وفي السكر ..
في قهوة صبح ..
في كرسي من غير قوائم
في بسمة ثغر مبتورٍ
في فستان الفرح الليلي
وفي سيارات الإسعاف..
الموت بغزة .. مدد إسرائيلي ..
هل تعرف إسرائيل ..؟
منذ عام 2005 وحتى الآن شهد قطاع غزة حروباً مدمرة استهدفت فيها إسرائيل القطاع بشكل كامل، وكل حرب كانت أشد عنفاً وتدميراً من الأخرى، وخلفت آلاف الضحايا والجرحى والنازحين من الفلسطينيين، إضافة إلى تضرر البنية التحتية والخدمات الأساسية بشكل كبير.
نستعرض في هذا المقال أبرز المحطات في تاريخ الحروب بين إسرائيل وغزة، كما سنتعرف أسبابها وآثارها في حياة المدنيين في القطاع.
بداية الحرب على غزة
غزة هي أكبر مدينة فلسطينية على البحر المتوسط، تبعد 78 كم عن القدس إلى الجنوب الغربي، وهي عاصمة محافظة غزة. يبلغ عدد سكان قطاع غزة 2.5 مليون نسمة، ومساحته 360 كم مربع، تجاورها من الشمال والشرق إسرائيل، ومن الغرب البحر الأبيض المتوسط، ومن الجنوب الغربي مصر، وتمثل أكبر تجمع سكاني للفلسطينيين في فلسطين، وواحدة من أكثر المدن كثافة في العالم.
احتلتها إسرائيل عام 1967م المسمى “عام النكسة”، ثم في عام 1993م جرى التوقيع على اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وفي عام 1994م جرى التوقيع على اتفاق غزة أريحا الذي نقل السلطة المدنية في غزة إلى الفلسطينيين.
وفي عام 2005 سحبت إسرائيل قواتها من غزة. وفي عام 2006م فازت حماس في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية وشكلت حكومة فلسطينية فرضت عليها إسرائيل والغرب حظراً، وفي يونيو/حزيران عام 2007 سيطرت حركة حماس على قطاع غزة.
تاريخ الحرب على غزة
عملية الرصاص المصبوب | الفرقان 2008/2009
في عام 2008، شهدت العلاقات بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة توتراً وتصعيداً، وذلك رغم التوصل إلى اتفاق للتهدئة بين الطرفين، وفي نهاية العام، شنت إسرائيل عملية عسكرية واسعة على القطاع، وأطلق عليها: “عملية الرصاص المصبوب” أسفرت عن مقتل وإصابة الآلاف من الفلسطينيين، وكانت هذه العملية نتيجة لسلسلة من الأحداث التي سبقتها وتلتها، والتي نذكر تلخيصها في النقاط التالية:
ارتكبت إسرائيل عديداً من الانتهاكات لاتفاق التهدئة، مثل شن غارات جوية وقتل وإصابة واعتقال مئات من الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، كما لم تلتزم الشروط المتفق عليها، مثل رفع الحصار عن غزة وفتح المعابر.
ردت حماس على الانتهاكات الإسرائيلية بإطلاق صواريخ على جنوب إسرائيل، وسمت هذا الرد “معركة الفرقان” مما أثار غضب إسرائيل ودفعها إلى التحضير لشن هجوم على غزة.
حاولت إسرائيل الحصول على الموافقة الدولية لشن الهجوم، وأجرت اتصالات مع قادة وممثلين من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وبعض الدول العربية، كما زارت وزيرة الخارجية الإسرائيلية مصر قبل شن الهجوم بأقل من 48 ساعة، وأعلنت عزم إسرائيل تغيير الوضع في غزة.
استخدمت إسرائيل عدة حيل لخداع حماس وإبعاد انتباهها عن التحضيرات الإسرائيلية، ففتحت المعابر مع غزة وأدخلت كميات من الغاز والإغاثة، وأعلنت مهلة 48 ساعة لحركة حماس لوقف إطلاق الصواريخ، وأخبرت الصحفيين أنها ستجتمع لبحث خطة عسكرية محتملة.
وفي نهاية عام 2008، شنت إسرائيل هجوماً عسكرياً على قطاع غزة استمر 23 يوماً، توقف في 18 يناير/كانون الثاني 2009، استخدمت فيه إسرائيل أسلحة محظورة دولياً، مثل الفسفور الأبيض واليورانيوم المنضب، وأطلقت أكثر من ألف طن من المتفجرات على القطاع.
وردت المقاومة الفلسطينية على الهجوم بإطلاق نحو 750 صاروخاً على المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بغزة “نحو 17 كيلومتراً”، وبعضها وصل لأول مرة إلى مدينتي أسدود وبئر السبع.
خلفت هذه الحرب عدد ضحايا ودماراً كبيرين في غزة، حيث قتل أكثر من 1430 فلسطينياً، بينهم أكثر من 400 طفل و240 امرأة و134 شرطياً، وأصيب أكثر من 5400 آخرين، كما دُمِّر أكثر من 10 آلاف منزل بشكل كامل أو جزئي.
أما إسرائيل، فاعترفت بمقتل 13 من جنودها ومدنييها، وإصابة 300 آخرين.
حجارة السجيل 2012
في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، شهد قطاع غزة حرباً بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية استمرت 8 أيام، وكانت إسرائيل تسمي هذه الحرب “عمود السحاب”، والمقاومة تسميها “حجارة السجيل”، وبدأت الحرب بقتل إسرائيل أحمد الجعبري، قائد كتائب القسام، وهدفت إلى تدمير مخازن الصواريخ للمقاومة.
وخلال الحرب، قُتل نحو 180 فلسطينياً، بينهم 42 طفلاً و11 امرأة، وأصيب نحو 1300 آخرين، وأطلقت المقاومة أكثر من 1500 صاروخ على إسرائيل، بعضها استهدف طائرات وبوارج إسرائيلية، وعلى جانب إسرائيل، قُتل جنديان و4 مدنيين، وأصيب 625 آخرون، معظمهم جراء الخوف، وخسرت إسرائيل أكثر من مليار دولار بسبب الحرب.
العصف المأكول 2014
وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، توصلت إسرائيل والمقاومة إلى اتفاق لوقف النار بوساطة من مصر.
في صيف 2014، دارت حرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لمدة 51 يوماً، وكانت إسرائيل تهدف إلى تدمير أنفاق المقاومة، وبدأت الحرب بقتلها لقادة في حركة حماس.
وكانت المقاومة ترد على الغارات الإسرائيلية بإطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية، وبعضها وصل لأول مرة إلى تل أبيب والقدس. كما استخدمت المقاومة طائرات مسيّرة، وأسرت جندياً إسرائيلياً.
وخلفت الحرب ضحايا ودماراً كبيرين في غزة، حيث قُتل أكثر من 2300 فلسطيني، بينهم 144 عائلة، وأصيب أكثر من 11 ألفاً. وعلى جانب إسرائيل، قتل 68 جندياً و5 مدنيين، وأصيب أكثر من 2500 آخرين.
صيحة الفجر 2019
في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، قتلت إسرائيل بهاء أبو العطا، القائد العسكري في حركة الجهاد الإسلامي في غزة، وزوجته في شقتهما بصاروخ، وردت الحركة بإطلاق مئات الصواريخ على إسرائيل لعدة أيام في معركة “صيحة الفجر”.
كما شنت إسرائيل غارات جوية على غزة، قتلت فيها 34 فلسطينياً وجرحت أكثر من 100 آخرين، بينهم مدنيون.
سيف القدس 2021
بدأت مواجهات عنيفة بين إسرائيل والفلسطينيين في عام 2021، والتي أطلق عليها كل طرف اسماً مختلفاً إذ سماها الفلسطينيون “سيف القدس” وسمتها إسرائيل “حارس الأسوار”، وكان سبب المواجهات هو تهديد مستوطنين إسرائيليين بإجلاء عائلات فلسطينية من منازلهم في حي الشيخ جراح بالقدس، وكذلك اعتداء الجيش الإسرائيلي على المصلين في المسجد الأقصى.
وردت المقاومة الفلسطينية بإطلاق أكثر من 4000 صاروخ تجاه مختلف المناطق الإسرائيلية، بعضها وصل إلى مسافة 250 كيلومتراً، وبعضها استهدف مطار رامون الجديد، وأدى ذلك إلى مقتل 12 شخصاً من الإسرائيليين، وإصابة نحو 330 آخرين، حسبما أعلنته وسائل إعلام إسرائيلية.
من جهتها، شنت إسرائيل حملة قصف على قطاع غزة، أودت بحياة نحو 250 فلسطينياً، وجرح أكثر من 5000 آخرين، كما دمرت إسرائيل عدة مبانٍ سكنية ومؤسسات في غزة، وزعمت أنها قضت على نحو 100 كيلومتر من الأنفاق التي تستخدمها الفصائل الفلسطينية.
الفجر الصادق 2022
في الخامس من أغسطس/آب 2022، قتلت إسرائيل قائد سرايا القدس في شمال غزة بطائرة مسيرة داخل شقته في برج فلسطين. وسيق ذلك اعتقال إسرائيل لبسام السعدي، وهو قيادي بارز في حركة الجهاد في جنين بالضفة الغربية. وأطلقت إسرائيل على عملية القتل “الفجر الصادق”.
في المقابل، ردت المقاومة الفلسطينية بإطلاق مئات الصواريخ على مدن ومستوطنات إسرائيلية، وأعلنت أنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة وشهداء الأقصى، وذكرت سرايا القدس أنها استهدفت تل أبيب ومطار بن غوريون وعدة مدن أخرى.
وأكدت وزارة الصحة في غزة أن 24 شخصاً قتلوا، من بينهم 6 أطفال، وأصيب 203 آخرون بجروح، جراء الغارات الإسرائيلية على غزة.
طوفان الأقصى 2023
في فجر يوم السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، شنت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عملية عسكرية ضخمة ضد إسرائيل، تضمنت هجوماً برياً وبحرياً وجوياً وتسللاً للمقاومين إلى عدة مستوطنات في غلاف غزة، وأطلقت على العملية اسم “طوفان الأقصى”، تعبيراً عن رفض الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في القدس.
وأعلن محمد الضيف، قائد كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بدء العملية في رسالة صوتية مسجلة، وقال إنها أكبر هجوم على إسرائيل منذ عقود، وأضاف أن المقاومة أطلقت أكثر من 5 آلاف صاروخ وقذيفة على مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية إسرائيلية خلال أول 20 دقيقة من الهجوم، ودعا الضيف جميع الفلسطينيين في الضفة الغربية وأراضي 48 للانضمام إلى “المعركة الكبرى” لإنهاء “الاحتلال الأخير”، بكل ما يملكون من أسلحة نارية وبيضاء، وبالاحتجاجات والاعتصامات. كما دعا الشعوب العربية والإسلامية إلى دعم المقاومة بكل أشكال الضغط الشعبي.
وشارك في العملية مجاهدو فصائل المقاومة المختلفة، إذ تسلل بعضهم إلى مستوطنات غلاف غزة عبر نفق تحت الحدود أو عبر قارب من سواحل غزة، وآخرون نزلوا بالمظلات من فوج “الصقر” التابع لكتائب القسام.
وردَّت إسرائيل بشكل عنيف على عملية “طوفان الأقصى”، وقال الجيش الإسرائيلي إنه “في حالة حرب”، وانطلقت صافرات الإنذار في جنوب ووسط إسرائيل والقدس، واندلعت معارك بالأسلحة النارية بين المقاومين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي في بعض المستوطنات القريبة من غزة.
كما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن حماس تشن “حرباً على دولة إسرائيل”، وتوعّد برد قاس، وقال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إن “دولة إسرائيل تمر بوقت عصيب”، ودعا إلى التضامن مع الجيش، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان مصور: “نحن في حرب وسوف ننتصر”.
خلَّفت عملية “طوفان الأقصى” خسائر فادحة في صفوف الإسرائيليين، سواء من المدنيين أو العسكريين، فقُتِل مئات منهم، وأُصِيب آلاف آخرون، وأُسِر أكثر من 200 بعضهم جنود وعسكريون.
كما تضرَّرت المطارات والمواقع العسكرية والمستوطنات بشكل كبير، وأُغلِقَت المطارات المحلية في وسط وجنوب إسرائيل، وأُلغِيَت عشرات الرحلات الجوية إلى تل أبيب.
وحسب الجيش الإسرائيلي، فإن عدد القتلى بلغ أكثر من 1300 قتيل، بينهم 169 عسكرياً، وعدد المصابين تجاوز 3 آلاف، كما ازداد عدد الأسرى لأكثر من 199، وأعلنت كتائب القسام مقتل قائد كتيبة الاتصالات في الجيش الإسرائيلي، وذكرت صحيفة جيروزاليم بوست أن 750 إسرائيلياً في عداد المفقودين، بالإضافة إلى فقدان عدد من أفراد الشرطة.
ولم تكُن غزة بمأمن من ردود فعل إسرائيل، التي قصَّفَت القطاع بشكل مستمِّر، مُخلفَةً آلاف الشهداء والجرحى من المدنيين، وبخاصةً من الأطفال والنساء، كما دَمَّرَت الغارات الإسرائيلية المتواصلة المباني السكنية والمرافق الحيوية وسيارات الإسعاف في غزة.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن عدد الشهداء تجاوز 4000 شهيداً، من بينهم أكثر من 700 طفل، وعدد المصابين تجاوز 13 آلاف، وأشارت وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن نحو 60% من الإصابات كان بين الأطفال والنساء، واضطر أكثر من 250 ألف فلسطيني إلى النزوح داخل غزة، ومعظمهم لجؤوا إلى مدارس تابعة للأونروا داخل القطاع.