يسرى أبو عنيز تكتب ..في ذكرى رحيل والدي
بقلم :يسرى أبو عنيز
لم يكن الحادي والعشرين من كانون الثاني في العام 2010 يوماً عادياً بالنسبة لي، ولا بالنسبة لعائلتي ،وأخوتي حينما توقف قلب والدي رحمه الله عن النبض.. ليكون الخبر كالصاعقة علينا بعد رحيل كبيرنا، وعامود بيتنا، وأغلى الرجال على قلوبنا..
توقف قلبي والدي في يوم الثلاثاء من صباح ذاك اليوم.. في يوم من أيام شهر كانون الباردة، وكأنه يرفض دخول العام الجديد ،كما يرفض دخول مربعانية الشتاء ،ونحن الذين اعتدنا عليه مرتدياً فروته ذات اللون العسلي في مثل هذه الأوقات من السنة، مستقبلا فصل الشتاء الذي كان يعني لذاك الجيل الكثير والكثير من الخير ،من زراعة القمح ،والاستعداد لاستقبال مواسم الخير من المطر، الذي ينعكس هطوله على خيرات الأرض.
رحل والدي الذي كان مُعلما بالنسبة لنا حتى وإن لم يذهب للمدرسة، ولم يُكمل حتى تعليمه، بل كان جامعة بالنسبة لنا حتى وإن لم يُكمل تعليمه الجامعي.. لأن الحياة بالنسبة أكبر مدرسة وجامعة.
رحل والدي دون أن نودعه او يودعنا كما نشاء، أو كما يشاء بعد أن تمكنت منه سكتة دماغية لتجعله بلا حراك في إحدى الغرف في المدينة الطبية، ولتخطفه بعدها من حياتنا،ومن بيته،وأسرته بعد أيام عدة،تاركاً خلفه حسرة في قلوبنا على رحيله، وألم على فراقه.
رحل والدي في ذلك اليوم المُظلم بالنسبة لنا ،رغم إيماننا بأن الموت حق علينا جميعا، غير أن فقد عزيز أصعب ما في الحياة، ولكن العزاء لنا بأن ذكراه لا تغيب عنا طيلة العام، ما زلنا نحيا على هذه البسيطة.
رحل والدي ولم يمهله الموت حتى أخبره بأن رحيل الآباء هو كسرة للظهر، ولم أخبره أيضاً بأنه لا يزال حياً في قلبي لأن الآباء بنظري لا يموتون، فهم باقون في قلوبنا، وفي أحاديثنا، وفي كل تفاصيل حياتنا اليومية، وحتى في الأماكن التي عشنا فيها معهم، حتى في حبات التراب التي توضع على قبورهم عند موتهم، أو موتنا.
رحل والدي عن الدنيا إلى دار الحق ،ولكن ذكراه باقية معنا في كل تفاصيل حياتنا اليومية ،وجلساتنا، ويكفينا فخراً أن توضع الأسماء بجانب أسماء الآباء ،فهذا الأمر أكبر شرف لنا..
رحم الله والدي برحمته الواسعة.. وأسكنه فسيح جناته ..
ورحم الله جميع أمواتنا وأموات المسلمين.