أمل خضر تكتب: الشرف
الشرف كلمة تعني الكثيرَ للإنسان: الشرف في عُذريَّةِ المرأة، الشرف في نقاء اليد من المال الحرام، الشرف في حفظ الأمانة وصيانتها وردِّها إلى أصحابها.
إن الشرف جوهر الإنسانية؛ لأن الإنسان إن كان شريفًا أعان إخوته، وقام بواجبه في عمله، لا يسرق أو يكذب أو يخُون، لا يذهب بالُه إلى رذائل الأمور؛ لأن مَعدِنَه أصيلٌ، والمنشأ الذي نشأ فيه كريم.
لو أُشيع الشرفُ بيننا لصلحت الكثير من الأمور في حياتنا، فتقلُّ نسب الطَّلاق، وتختفي الخصومات بين الأقرباء، ويتوادُّ الناس ويتراحمون فيما بينهم، لا فرق بين غنيٍّ وفقير، ولا طويل وقصير، ولا أسودَ وأبيضَ، ولا عربي وأعجمي، كلهم يجمعهم الإسلام الذي هو منبع الشرف.
بالشرف يُدافَع عن القيم المثاليَّة والأخلاق النبيلة، يُعان المظلوم ويُضرب على يد الظالم، يُنصح الطِّفل الصغير ليعرف أخطاءه، يُذكَّر الكبير وينبَّه بأن لا يلوث سمعته بالسَّفاسِف.
الشرف يُوحِّد الناس على قلب واحد، في جسد واحد، بروح واحدة، لا نفاق ولا وجوهَ مُتلوِّنة، الصراحة هي السائدة بينهم، يختفي الحسد، إذا حصل أخوك على جائزة تفرح له بذلك، ولا تتمنَّى زوالَ النعمة عنه، بل تتمنى له كل الخير.
ما أجملَ أن يُلقي الناس السلام بعضُهم على بعضٍ! “السلام عليكم”، ما أحلاه من تعبير أن تُشيع السلام، وهو تعبير عن شرف قائله؛ فإفشاءُ السلام، والوجه البشوش، والابتسامة المشرقة عناوينُ لكل شريف.
يؤدِّبك الشرف فلا ترى الحياة كلَّها أموالًا، فهناك عزة النفس وأنَفَتُها، كرامتها وعلياؤها، سموُّها وعلو شأنها، فلا تُدنِّسْ هذه المعاني، فإنها من أرقى وأروع معاني الشرف.
يربي فيك الشرفُ الإشفاقَ على العجوز الكبير الذي وهَنت صحته، أصبح العُكَّاز رفيقه في كل مكان، يخطو الخطوة تلو الخطوة، يخشى السقوط في عَثْرة ما، يدفعك الشرف إلى أن تعطف عليه وتعينه على قطع الطريق، ومبادلته أطراف الحديث فيما يقول، وسماع شكواه عمَّا فعلت به السنون.
لا أقوى على ختم كلماتي دون ذِكْر شرف، أراه هو الأرقى والأسمى، أن تتأدب مع الذي وهبك نعمة السمع والبصر والفؤاد، وعلَّمك ما لم تكن تعلم، خلقك لتستمتع بالحياة وتذوق لذاتها، أن تشكره وتعبده، ألَّا تنكر فضله عليك، وتسعى بما أُوتيتَ من قوة أن تكون إنسانًا صالحًا، يمنحك صورة بيضاء ناصعة، إذا رآك من لا ينتمي إلى هذا الدين تذكَّر اللهَ، فكنت دليله على تلمُّس كل ماهو أبيض ناصع.
مع ذلك كله تظل ثقافة الشرف عنواناً للرجولة، ونهجاً للشرفاء، وعلامة مميزة للشجعان، وماركة حكراً على الصادقين المخلصين.
وفي الوقت ذاته أضحت ثقافة العلف علامة مميزة وماركة مسجلة للجبناء والضعغاء وبائعي الأوطان.