الدكتورة ماجدة إبراهيم تكتب مهن مرفوضة للمرأة من باب درء المفاسد وسمعة العائلة
إن كثيرا من المهن مرفوضة عند المجتمع، ويعاني أصحابها نظرة سلبية ، فهناك رأي بأنها أساس الاختلاط بين الجنسين مما دعاهم لرفضها من منطلق درء المفاسد، وهناك من رأى بأنها عادات قديمة ليس لها اساس شوهت صورة المرأة ووصفتها بالهشاشة والدونية :
كـالإعلامية / مضيفة جوية أو أرضية / مندوبة تسويق / ممرضة بدوام ليلي .
بالنسبة للمرأة فكل مهنة فيها الصالح والطالح وهذا يعتمد على أخلاقها من الدرجة الأولى فلا أحد ينكر وجود معاكسات وربما تحرش في بعض الأحيان، إلا أن هناك من يقبل ذلك وهناك من يرفضه ، والحقيقة أنه لا أحد يستطيع أن يجبر فتاة على فعل الخطأ و الفتاة تستطيع أن تجبر الجميع على احترامها والتعامل معها بكل رقي.
اما في مجال الإعلام فعلى الرغم من بعض العناء والمواقف الحرجة التي تقع فيها الإعلاميات إلا أنهن استطعن أن يفرضن احترامهن على فئة كبيرة من المجتمع.
المجتمع العربي بشكلٍ عام لديه النظرة الغالبة للمرأة على أنها شرف العائلة، حيث يصبح أي تصرف خاطئ منها يمس هذا الشرف ولا يمكن التساهل معه بعكس الرجل، مشيرة إلى أن هذه النظرة متجذرة في العقلية العربية حتى قبل الإسلام، حيث كانت المرأة تتعرض للوأد خوفاً من العار ثم جاء الإسلام فأكرمها ومنحها حقها في الحياة.
تقاليد اجتماعية ودينية ترفض تغيّب الفتاة عن بيتها وسفرها وحيدة واختلاطها بالرجال ….
هذا هو ما كون الصورة النمطية لعمل المرأة والفكرة التي حكمت هذه المهن والنظرة السلبية التي عززتها من قبل أفراد المجتمع لهذا نحن لا نضع اللوم على المجتمع في نظرته لتلك المهن .
النظرة الاجتماعية الدونية لبعض الأعمال المهنية ونظرة البعض على أن هذه المهن قد تفتح باب المفاسد عبر الاختلاط بين الجنسين هي من أبرز العوائق التي تواجه المرأة العاملة في بعض الوظائف كالتي سبق ذكرها …..
واستغلال ظروف تلك المهن وممارستها بشكلٍ خاطئ كان السبب الأكبر في تكوين هذه الصورة وتكريسها في خلفيات المجتمع، والقول أنه من باب سد الذرائع ودرء المفاسد ألا تعمل المرأة في هذه المهن، إلا أن تلك النظرة بدأت تختلف مع تطور وعي المجتمع بطبيعة المهنة.
لم يعد عمل المرأة يشكّل محط تساؤل كبير عند أغلب الرجال ، بيد أنه يظل دائماً هناك علامة استفهام حول أي المهن التي يجب أن تختارها وأي المهن التي يجب أن تعزف عنها وتترفع عنها..؟ لا لأنها مهن سيئة أو مُشينة أو قد تحط من قدرها.. بل لأن المجتمع قد لا يرضاها لها أو قد لا يتقبلها، ومن الطبيعي أن يكون الرجل سواء كأب أو زوج أو أخ أو إبن هو الذي يحدد المسموح من المهن للمرأة، وهو الذي يقرر المرفوض منها لها من باب الشرع لأنه المسؤول أمام الله وعباده كونه وليها الشرعي ومكلف بها فإن سمح لها بالعمل فيكون ضمن إطار الشرع والعرف والتقاليد وعلى الجهات المعنية بتوظيف المرأة مراعاة هذه الظروف كأن تسمح مثلا للمضيفة بالعودة بنفس اليوم ضمن رحلات قصيرة ولا داعي ان تكون رحلات طويلة مع مبيت خارج المنزل بدون محرم شرعي وأنا هنا مع وليس ضد كل ماجاء به الشرع لأنه أولا وآخرا يصب في مصلحة المرأة صدقا ما جاء شيء خارج إطار الشرع إلا وكانت عواقبه وخيمة وعندما يأمر الله بعدم سفر المرأة الا بمحرم لا نستطيع أن نجتهد في نص قرآني أو حديث شريف ونغيره … !
قضية اختلاط المرأة بالرجل تحكمها الظروف الاقتصادية السائدة والفرص المتاحة والقيم والقناعات المرتبطة بكل مرحلة تاريخية يمر بها المجتمع، حيث يتسامح عندما يتدهور الوضع الاقتصادي تحت وطأة الحاجة، ثم ما يلبث أن يتشدد في هذه المسألة في حالة الازدهار الاقتصادي. الأسرة بشكل عام تأنف من العمل الذي يفضي إلى اختلاط المرأة بالرجل حتى لا تخدش سمعة العائلة بأي خطأ ترتكبه المرأة. ومن الصعب على المجتمع تقبل بعض المهن ومنها المضيفة لارتباطها بالسفر والتنقل والترحال المستمر وتعارضه مع المطلب الديني لوجود المحرم وما يتطلبه هذا الدور من احتكاك مباشر بالجمهور من الجنسين. اما عن عمل المرأة في المجال الإعلامي فقد أثبتت الدراسات التي أُجريت في هذا المجال أن هناك تقبلاً أكبر لعمل المرأة في المجال الصحفي تحديداً ثم الإذاعي، ولكن هذا التقبل ينحسر بصورة أكبر عند الحديث عن عملها في المجال التلفزيوني لارتباطه بالظهور المباشر أمام الجمهور على الشاشة وإن كانت الممانعة المجتمعية هي السائدة لعمل المرأة في المجال الإعلامي بشكلٍ عام.
على المجتمع أن يقدر ويحترم كل امرأة تعمل بشرف في أي مهنة كانت للمساعدة في إعالة أسرتها وتأمين سبل الحياة الكريمة لها، بيد أنه من المضحك أن نجد البعض لا يقبل مهنة على ابنته أو زوجته أو أخته لكنه يشجع بها للآخرين، موضحة أن ظروف المجتمع تجعل من بعض المهن ملائمة أكثر من غيرها للنساء، كالتعليم والطب.. والهندسة.. والصحافة.. والقانون.. والمهن الإدارية في مقابل رفض أو عدم تقبل مهن أخرى فصّلها المجتمع على مقاس الرجل فقط.
لو أحصينا المجالات الأخرى التي تستطيع المرأة العمل فيها بجدارة لوجدنا الكثير لكنه محجور عليها، ونستنتج أن البطالة لدينا هي نتيجة الإصرار على التفكير بعقلية الماضي البعيد المحمّلة بكثيرٍ من القناعات التي لم تعد قابلة للتعايش مع الحاضر، مؤكدة أن ما يريده المجتمع هو عدم وضع عقبات أفرزها الماضي أمام تمكين المرأة من العمل وعدم تقديم آراء مبالغة في الغلو، وعدم ربط إصدار القرارات وتنفيذها بالنسبة لعمل المرأة بمزاج فئة لا تمثل كل المجتمع، ولا تفكر جيداً في النتائج الوخيمة لتعطيل المرأة وبطالتها..
أن لكل مهنة جانبين أحدهما إيجابي والآخر سلبي، فالإيجابي هو ما تعطيه المرأة العاملة من صورة مشرّفة لمهنتها واحترامها لرسالتها المهنية، أما السلبي فهو ما تعطيه من طابع يساعد على تشويه المهنة كأن يتحدثن مع الرجال بطريقة مثيرة للغاية والتصرف بما لا يليق فعليها تلاشي كل ما يصب في تكوين الصورة السيئة عنها وعلى المرأة الأخذ بالحيطة والحذر ولا تنسى أنها فتنة.
فبالنسبة للإعلامية مثلاً إن المجتمع لديه نظرة سلبية وحكم مسبق على مهنتها، وهنا عليها دور في تأكيد هذه النظرة أو دحضها بسلوكياتها الجيدة أو السيئة وهذا ينطبق على كافة المجالات التي تعمل بها المرأة سواء إعلامية أو مضيفة أو مندوبة تسويق أو أي مهنة تمتهنها المرأة بشكل عام .