مقترح لمصفوفة لقياس تقدم سير العمل بثلاثية الإصلاحات الملكية
كتب أ.د. محمد الفرجات
يشهد الأردن اليوم تحولات كبرى عبر رؤى ملكية تهدف إلى التحديث السياسي، الاقتصادي، والإداري، مما يعكس طموحًا حقيقيًا لتأسيس نهج جديد للتنمية المستدامة.
يعد هذا التحول ليس مجرد شعارات، بل مسار متكامل يقيس نجاحه مؤشرات عملية وواقعية تضع المواطن في قلب العملية الإصلاحية.
أولاً: السياسة في قلب التحول
التحديث السياسي الأردني يسعى لبناء نظام أكثر شمولية وديمقراطية. تحقيق هذا الهدف يتطلب زيادة المشاركة السياسية من خلال تعزيز إقبال المواطنين على الانتخابات، وتوسيع قاعدة العضوية الحزبية، مع ضمان تمثيل عادل للشباب والنساء.
فعالية النظام الحزبي تعتبر مقياسًا أساسيًا للنجاح، حيث يتم تقييم قدرة الأحزاب على الوفاء ببرامجها الانتخابية وطرح مبادرات فعالة تحت قبة البرلمان. إلى جانب ذلك، فإن تعزيز الشفافية السياسية واستعادة ثقة المواطنين بالمؤسسات من خلال تقارير دورية واستطلاعات الرأي سيكون مفتاحًا لبناء علاقة صحية بين الدولة والمجتمع.
ثانيًا: الاقتصاد كقاطرة للتنمية
الاقتصاد هو العمود الفقري للتنمية، ولهذا تم وضع مجموعة من المؤشرات التي تقيس النجاح في النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات. منها معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، وترتيب الأردن في المؤشرات العالمية مثل تقرير “سهولة ممارسة الأعمال”.
تحسين بيئة الأعمال وتعزيز ريادة الأعمال يتيح خلق فرص عمل جديدة وتقليل معدلات البطالة، خاصة بين الشباب. دعم المشاريع الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة يمثل حلاً استراتيجيًا لمواجهة التحديات الاقتصادية، إلى جانب تسهيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
ثالثًا: إدارة حديثة لخدمة المواطن
التحديث الإداري يُبنى على ركائز الكفاءة والشفافية والتحول الرقمي. تحسين تقديم الخدمات العامة من خلال تقليل زمن المعاملات وتبسيط الإجراءات، إلى جانب توسيع نطاق الخدمات الرقمية، سيُحدث ثورة في طريقة تفاعل المواطن مع الدولة.
تعزيز الشفافية في العمل الحكومي ومكافحة الفساد من خلال إنشاء قنوات تفاعلية للمواطنين وإشراكهم في الرقابة على الأداء الحكومي، إضافة إلى تطوير تقارير دورية لعرض التقدم في المشاريع، سيضمن ثقة المجتمع في النظام الإداري.
مؤشرات لقياس النجاح: رؤية واضحة للإنجاز
لتقييم التقدم نحو تحقيق رؤى التحديث، تم اقتراح مؤشرات عملية قابلة للقياس تشمل:
1. السياسة: نسبة الإقبال على الانتخابات، زيادة تمثيل النساء والشباب، وتوسيع قاعدة الأحزاب.
2. الاقتصاد: معدل النمو الاقتصادي، عدد الاستثمارات الجديدة، وفرص العمل التي تم خلقها.
3. الإدارة: عدد الخدمات الرقمية، تقارير الشفافية، وعدد الشكاوى التي يتم حلها في وقت قياسي.
آليات للمتابعة والشفافية
تحقيق هذه الرؤية يتطلب آليات متطورة للقياس والمراقبة، تشمل إصدار تقارير سنوية، إنشاء لوحات إلكترونية لعرض المؤشرات، واستطلاعات رأي دورية تعكس نبض الشارع الأردني.
رؤية الأردن: رحلة نحو المستقبل
إن نجاح التحديث في الأردن يعتمد على تكامل هذه الجهود، وإشراك الجميع في العملية الإصلاحية، من المواطنين إلى المؤسسات. ما يميز هذا المشروع الطموح هو الرغبة الحقيقية في بناء دولة حديثة تعزز من مكانتها الإقليمية والدولية.
إنها ليست مجرد رؤية، بل خطة عمل تتطلب التزامًا مستمرًا لتحقيق أردن جديد يليق بتاريخه وحاضره ومستقبله. إنها دعوة لكل مواطن ليكون جزءًا من هذا التحول، فالتغيير يبدأ بالجميع، ويتحقق مع الجميع.
وتاليا نقدم مقترحًا موسعًا ومفصلاً لمؤشرات قياس التقدم في تحقيق رؤى التحديث السياسي، الاقتصادي، والإداري في الأردن:
أولاً: التحديث السياسي
1. زيادة المشاركة السياسية
معدل الإقبال على الانتخابات:
نسبة الإقبال على الانتخابات البرلمانية والبلدية مقارنة بالدورات السابقة.
توزيع المشاركة بحسب الفئات العمرية (الشباب، النساء، وكبار السن).
عدد المنخرطين في الأحزاب السياسية:
قياس نسبة الزيادة في تسجيل الأحزاب السياسية الجديدة.
تحليل توزيع العضوية الحزبية حسب المحافظات، والفئات العمرية.
تمثيل الشباب والنساء في البرلمان والمجالس المحلية:
نسبة المقاعد التي حصلت عليها النساء والشباب في البرلمان والمجالس البلدية.
مقارنة دورهم ومساهماتهم في صنع القرار عبر المبادرات التشريعية.
2. فعالية النظام الحزبي
مدى التزام الأحزاب ببرامجها الانتخابية:
مقارنة برامج الأحزاب الانتخابية مع ما تحقق فعليًا على أرض الواقع.
الأنشطة والبرامج السياسية للأحزاب:
عدد الفعاليات السياسية والتوعوية التي أطلقتها الأحزاب.
عدد المقترحات التشريعية المقدمة من قبل الكتل الحزبية في البرلمان.
3. تعزيز الشفافية السياسية
مستوى ثقة المواطنين في المؤسسات السياسية:
استطلاعات الرأي لقياس ثقة المواطنين في البرلمان، الحكومة، والأحزاب السياسية.
الالتزام بمعايير الشفافية والنزاهة:
عدد المبادرات والقوانين الجديدة التي تعزز الشفافية والمساءلة.
تقارير الجهات الرقابية مثل هيئة النزاهة ومكافحة الفساد.
ثانيًا: التحديث الاقتصادي
1. النمو الاقتصادي والاستثمارات
مؤشرات الاقتصاد الكلي:
معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي (بالتركيز على القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة).
تشجيع الاستثمار الأجنبي والمحلي:
عدد الاتفاقيات الاستثمارية الموقعة مع دول وشركات أجنبية.
حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاعات الحيوية (التكنولوجيا، الطاقة، النقل).
2. تحسين بيئة الأعمال
ترتيب الأردن في المؤشرات العالمية:
ترتيب الأردن في تقرير “سهولة ممارسة الأعمال” (بدء الأعمال، الحصول على التراخيص، التجارة عبر الحدود).
الإجراءات الحكومية لدعم الشركات الناشئة:
عدد الشركات الناشئة التي تلقت دعمًا ماليًا أو فنيًا من الحكومة.
تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص:
عدد المشاريع المشتركة التي تم تنفيذها أو البدء بها.
3. خلق فرص العمل ومكافحة البطالة
الحد من البطالة:
معدلات البطالة العامة والشبابية مقارنة بالأعوام السابقة.
عدد فرص العمل التي تم خلقها سنويًا في القطاعات الجديدة (الطاقة المتجددة، التكنولوجيا، السياحة).
دعم ريادة الأعمال:
عدد المشاريع الريادية التي حصلت على تمويل حكومي أو خاص.
إنشاء حاضنات أعمال لدعم الشركات الناشئة.
ثالثًا: التحديث الإداري
1. الكفاءة الحكومية
تحسين تقديم الخدمات العامة:
متوسط مدة الإجراءات لتقديم الخدمات الحكومية (مثل إصدار جواز السفر، الترخيص).
تقليل التكاليف المرتبطة بالخدمات الحكومية وتحسين جودتها.
تنفيذ المشاريع الحكومية:
نسبة المشاريع الحكومية التي أُنجزت ضمن الوقت والميزانية المقررة.
2. التحول الرقمي
الخدمات الرقمية الحكومية:
عدد الخدمات الحكومية المتاحة إلكترونيًا بالكامل.
نسبة المواطنين الذين يستخدمون المنصات الإلكترونية لإنجاز معاملاتهم.
ترتيب الأردن في مؤشر الجاهزية الإلكترونية العالمي:
مقارنة ترتيب الأردن بالدول الأخرى في المنطقة والعالم.
3. تعزيز الشفافية والمساءلة
محاربة الفساد:
عدد قضايا الفساد التي تم الكشف عنها ومعالجتها سنويًا.
نسبة التوصيات التي يلتزم بها الجهاز الحكومي بناءً على تقارير ديوان المحاسبة.
إشراك المواطنين في الرقابة:
إنشاء قنوات لتلقي شكاوى المواطنين حول الخدمات الحكومية.
عدد الشكاوى التي تم حلها في مدة زمنية محددة.
آليات قياس الأداء والمراقبة
1. تقارير دورية:
إصدار تقارير سنوية وشبه سنوية لعرض تقدم المؤشرات.
2. مؤسسات مستقلة للمراقبة:
تفعيل دور الهيئات الرقابية مثل هيئة النزاهة وديوان المحاسبة.
3. استطلاعات الرأي:
إجراء استطلاعات رأي منتظمة لقياس رضا المواطنين.
4. لوحات قياس الأداء:
إنشاء لوحة مؤشرات وطنية إلكترونية شفافة تُظهر التقدم المحرز.
مقترحات لتعزيز النجاح
برامج تدريب وبناء القدرات:
إعداد كوادر مدربة على تنفيذ خطط التحديث السياسي والاقتصادي والإداري.
التعاون مع المنظمات الدولية:
طلب الدعم الفني والتقني من الجهات الدولية لضمان التقدم الفعّال.
إشراك الشباب والمجتمعات المحلية:
تنظيم ورش عمل لتوعية المواطنين حول خطط التحديث ودورهم فيها.
هذا النموذج يضمن المتابعة الدورية والشفافية لتعزيز نجاح الرؤى الثلاثة وتحقيق التنمية الشاملة.