يسرا ابو عنيز تكتب : أطفالنا في مهب الرياح
يسرا ابوعنيز – مؤلم جدا، ومحزن لدرجة كبيرة، حتى يصل لمرحلة الوجع، ذلك الذي يحدث لأطفالنا،فلذات أكبادنا،في هذه الأيام،اولئك الذين بنى عليهم أهاليهم الآمال في المستقبل، وتوقعوا لهم حياة مليئة بالحب، غير أن القدر كان أسرع من كل شيء.
ففي حادثة الشاورما في الأردن، وتحديدا في منطقة عين الباشا، في محافظة البلقاء وسط المملكة،تسببت وجبات الشاورما يوم امس الاول ( الثلاثاء) بإصابة أكثر من 700 شخص بالتسمم الغذائي، ووفاة طفل ايضاً، والذي لم يتحمل جسمه الصغير ألم التسمم ليلقى حتفه صباح اليوم.
وقبل أيام، وتحديدا يوم السبت الماضي، لقي الطفل علي الدراس حتفه أثناء ممارسة طفولته، ولهوه مع أقرانه، واثناء لعبة في إحدى مدن الملاهي في العاصمة عمان، بسبب الإهمال لهذه الألعاب من قبل القائمين عليها، وليكون هذا الطفل البريء، والذي عاد لأهله مضرجا بدمائه، هو كبش الفداء، والضحية لكل هذا الإهمال.
ولم يكن الحدث الذي أقدم على قتل والدته الاربعينية، طعنا بسكين المطبخ حتى أرداها قتيلة، بعيدا عن الطفولة، حيث أنه لم يكمل عامه الرابع عشر، ولا نجد له المبرر لارتكابه هذه الجريمة البشعة، غير أننا لا نعلم أيضا ما هي ظروفه المعيشية، ولا دوافعه في ارتكاب هذه الجريمة الغريبة.
وأيا كانت الأسباب، والظروف التي جعلت هذا الحدث يطعن والدته كل هذه الطعنات، ومن ثم يقتلها، ولا حتى الوضع لمدينة الألعاب الترويحية التي أدت لوفاة الطفل علي، ولا حتى الظروف المعيشية للطفل الذي ذهب ضحية لوجبة الشاورما، حتى فارق الحياة، ولا الظروف المعيشية للأشخاص الذين أصيبوا بالتسمم الغذائي بعد تناول وجبات الشاورما من ذلك المطعم، بعد بيع الوجبة الواحدة بدينار فقط.
غير أننا أصبحنا مدركين أن حياة الكثير من الأطفال، باتت في مهب الرياح نتيجة الظروف المعيشية الصعبة لذويهم، وما نتج عن جائحة الكورونا، من ارتفاع في عدد العاطلين عن العمل، وارتفاع في نسبة الاسر الفقيرة والمحتاجة، وتعطل الكثير من القطاعات بسبب التباعد الإجتماعي بين المواطنين.
وكذلك فإن الكثير من أطفالنا، لا يمارسون حقهم في اللعب، ولا ممارسة أي نوع من النشاطات، اما لأوضاعهم الإقتصادية الصعبة، او بسبب اغلاق الكثير من مراكز النشاطات، وتعطيل المدارس الحكومية، والخاصة، والجامعات الأردنية منذ شهر آذار الماضي، بسبب جائحة الكورونا، الأمر الذي أوجد لدى المواطن حالة من التوتر،والذي ينجم عنه في كثير من الأحيان موجات عنف بين أفراد الأسرة من جهة، والمجتمع من جهة أخرى ، بسبب الفراغ الذي تعاني منه شريحة كبيرة في المجتمع الأردني.
من هنا، فإننا مطالبون بإعادة النظر في التعامل مع أطفالنا، والحرص على مصالحهم، وضبط تصرفاتهم التي باتت تتأثر بكل ما يحيط بهم، وتخفيف تعلقهم بالألعاب الالكترونية، وشبكات الانترنت، ومحاولة تأمين حياة كريمة لهم قدر المستطاع.