زمرة محمود: قلب الله لبنان
زمرد المحمود وطنٌ- صغير كبير بحب ووحدة مواطنيه، بياض قلوبهم أنصع بياضاً من ثلوج جباله، طيبهم العطر يسبق روائح غاباته وأشجاره، إنه لبنان، قلب الله كما عرف بالسريانية.
بدايةً أهدي هذا المقال لأصدقائي وعائلاتهم، إلى سائر الشعب النابض بالحياة، شعب لبنان الحر، هذا الشعب الذي يعد بمثابة الطاقة المتجددة المفعمة بالحياة مقارنة بسائر الشعوب العربية، الشعب الذي طالما عانى وكافح على مر الأعوام الماضية من حروبٍ مع المستخرب(المستعمر)، حروبٍ مع بني صهيون ونضاله من أجل الجنوب، وحروبٍ أهلية.
المجتمع المليئ بالتعددية العرقية، الدينية والطبقية، المجتمع المليئ بالإختلافات، الموحد تحت راية الأرز، المجتمع على حب الأرض والوطن، إعتاد على تقديم أعز ما يملك لديمومة خضرة الأرز، الشعب الذي عرف دوماً بثقافته تحضره (شعراء وأدباء المهجر).
لربما يعتقد البعض أن مقالي هذا جاء متاخراً، لكن من وجهة نظري على العكس تماماً، أردت أن يكون مقالي بعد أن بدأ المجتمع النابض بالصحوة من واقع الصدمة المريرة جراء الكارثة التي حلت به، وإن كان معتاداً على الأزمات لكن آخرها هي أفجعها على قلوبنا جميعاً، لم تفرق بين طائفةٍ أو ملةٍ، غني وفقير، جاءت على غفلة في وقتٍ مازال الشعب يحصوا خسائر جائحة كوفيد-19 التي يبدو أنها سوف تستمر معنا لمدى أكثر مما كنا نتوقع ونأمل.
بالطبع يهمنا جميعنا معرفة من وراء هذه الكارثة التي سوف تخلف ورائها مساوئ أكثر هولاً من واقعها ويهمنا أن ينال جزائه الذي يستحقه، لكن ندع هذه المسألة جانباً لأهل الإختصاص.
أيها الشعب الحر أنت لست بحاجةٍ لخطابٍ حماسي من أحدنا، أنت وأهلنا في غزة شعب فلسطين الحر، كنتم دائماً وسوف تبقون رمزاً شاهقاً على الحماس، المقاومة والشرف العربي لطالما ضربتم أبرز الأمثلة في فداء الوطن والمقاومة.
رغم ما عاناه وما زال يعانيه الشعب اللبناني في حياته اليومية، نجده دوماً يداً واحدة لا مكان للإحباط بينهم، مهما حملوا بداخلهم من مآسي مهما خسروا من أهلٍ وأحباءٍ تبقى البهجة مرسومة في معالم يومهم، ها هو يضرب لنا أبرز الأمثلة مرةً أخرى إثر تلاحمه و تآزره يداً بيد لإعادة إعمار بيروت وتنظيف الأنقاض.
أيها الشعب الشقيق وأنا على الحد الشخصي لطالما كان لي أصدقاءٌ من أبناء شعبكم كأهلٍ وأكثر، إن كلماتي ليست مؤاساةٌ بل هي رسالةٌ لتزيد من عزيمكتم التي لطالما شهدناها، هنالك فئاتٌ من المجتمع اللبناني تحتاج لمعوناتٍ ماديةٍ لإعادة إحياء مساكنها ولبنان بحاجة لإعمار مدارسه، جامعاته ومستشفياته؛ لكن نحن كأخوةٍ وأشقاءٍ عرب نحن بحاجتكم بحاجة البسمة والفرحة التي تعودنا أن نلقاها منكم نحتاج إبداعكم الفكري نحتاج لعزيمتكم ولصمودكم، رجائي لكم ان تبقوا متماسكين متلاحمين مع بعضكم بشتى إختلافاتكم كي تهون جميع مصائبكم ولترتقوا بأنفسكم وأحوالكم، والأهم المحافظة على أرضكم وأنتم عليها، لا أحبذ سماع المزيد من الأخبار حول هجرة الشعب اللبناني بسبب قساوة ظروف العيش، ناضلوا لحقوقكم وأنتم في أرضكم فحسب آخر إحصائيات وصل عدد اللبنانين المهاجرين إلى الخارج ضعف عدد اللبنانيين المقيمين داخل الأراضي اللبنانية، علاوةً على ذلك في دراسةٍ أجريت من قبل (نيشين ماستر) جاء فيها أنه في حلول 2050 من المتوقع أن ينخفض عدد سكان لبنان من 10 ملايين إلى 3 ملايين نسمة، قد ترجع هذه الفرضية إلى عدة عوامل أهمها الهجرة للهروب من الواقع المرير، لكن أعزائي ليس هذا هو الحل جميعنا يعلم أن ما يتطلع له عدونا هو أرضٌ بلا شعب.
تماسكوا تأزروا تلاحموا، كونوا إخوةً في حب الوطن ناضلوا وكافحوا فمن فقد أرضه فقد شرفه، كلنا يقين بكم ببسالة صوتكم وفعلكم أفواهكم لا تكمم ويدكم بقوة الفولاذ، سطر التاريخ صمودكم الدؤوب فليسطر أيضاً نهوضكم في وطنكم ووحدتكم.
دمتم بخير ورحم الله أرواح من فارق وطنكم ومن مازال على هذه الأرض حفظ الله سائر بلادنا والشعوب الحرة الأبية.