فلسطينية من “قالونيا” المقدسية تدخل الكونغرس .
ابنة لمهاجرين ولاجئين من فلسطين، ديمقراطية تقدمية وناشطة مجتمعية، وأستاذة جامعية، ترشحت “لأجعل الحلم الأمريكي حقيقة للجميع”، بحسب قولها.
أُعلن عن فوزها بمقعد في مجلس النواب الأمريكي عن الدائرة 41 بولاية كولورادو، عن الحزب “الديمقراطي”. لتصبح بذلك ثالث مسلمة في الكونغرس الأمريكي، وهي ثاني سيدة من أصول فلسطينية في الكونغرس، بعد رشيدة طليب التي فازت في 2018 وفازت من جديد للمرة الثانية على التوالي في 2020، إلى جانب الصومالية إلهان عمر.
ولدت إيمان جودة عام 1971 لوالدين فلسطينيين، هاجرا من فلسطين إلى ولاية كولورادو بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1974، جاء والدها من قرية قالونيا (كالونيا)، والأم من قرية “لفتا” اللتين احتلتا في حرب أيار/ مايو عام 1948 في قضاء القدس. وما زالت جدتها تسكن في مدينة البيرة حاليا، وتمتلك إيمان منزلا في رام الله بفلسطين.
وفي سعيهما بحثا عن “الحلم الأمريكي”، بدأ والداها مشروعا صغيرا، ثم تطور ونما مشروعهما معا. كانت والدتها مدرسة في كولورادو طيلة 30 عاما، كذلك عمل والدها مدرسا إلى أن امتلك مشروعه الخاص وأصبح رجل أعمال فلسطيني أمريكي معروف.
نالت إيمان جودة شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية، وحصلت بعدها على درجة الماجستير في السياسة العامة من جامعة “كولورادو دنفر”، كما تدرس حاليا بالجامعة في “برنامج الإثراء”، كما تدرس لمدة أربعة شهور في السنة في أحد برامج المدارس الثانوية.
بعد تخرجها أصبحت إيمان منسقة لأنشطة “جمعية تحالف الأديان” بولاية كولورادو حيث كانت تدافع عن القضايا المتعلقة بسياسات التعامل مع المسلمين، وفي عام 2008 أنشأت منظمة “تعرّف إلى الشرق الأوسط”، وهي منظمة غير ربحية مهمتها مد جسور التفاهم بين الأمريكيين وبين “إحدى أكثر المناطق التي يساء فهمها في العالم”، وفق ما تقول إيمان.
أما عن فلسطين، فتقول إيمان إنها “أرض الحليب والعسل”، فقد أراد والداها أن تحتفظ هي وإخوتها بروابطهم وتراثهم وتاريخهم وثقافتهم ولغتهم الأم، ولذلك فقد كانوا يزورون فلسطين في الصيف.
وعن زياراتها تلك تقول إيمان: “استمتعت بشمس الصيف وأنا ألعب تحت أشجار الليمون في بيت جدتي. وقد عرضتني زيارة وطن والدي للحرب والعنف والقمع الحاصل هناك، وهو ما كان تناقضا صارخا مع الأمان والسلام والحرية التي تربيت عليها في أمريكا”.
تقول إيمان إن حبها لوالدها والطريق الطويل الذي بدأه لتحقيق حلمه في أمريكا هو ما دفعها دوما بطريقة غير تقليدية لتدخل السياسة، فمنذ طفولتها أرادت أن تصبح سياسية تخدم الناس، لأن لديها “تجارب مختلفة عن الآخرين تؤهلها لدخول حلبة السياسة”.
وتوضح إيمان فكرتها: “عندما أتحدث عن الحلم الأمريكي، فإنها ليست عبارة سياسية مبتذلة أو مكررة ألقيها، بل إنها قصة عائلتي، ومهمتي التأكد من أن كل شخص لديه فرصة عادلة في تحقيق الحلم الأمريكي”.
ورغم أنه سينظر إلى إيمان باعتبارها أول مسلمة تكون نائبة عن منطقتها في ولاية كولورادو، وكذلك ثالث مسلمة في الكونغرس فإنها كانت واضحة فيما يخص هذه النقطة، إذ قالت: “لن أترشح لأكون أول نائبة مسلمة، ولم يكن ذلك في نيتي من الأصل. أنا ترشحت لأنني أشعر بأن تجاربي الحياتية يمكن أن يكون لها تأثير حقيقي في دفع السياسة التقدمية وإدارة الأمور بطريقة أكثر إيجابية وتقدمية”.
وتحظى إيمان جودة بتأييد السيناتور بيرني ساندرز، الذي يمثل الجناح اليساري والتقدمي في الحزب “الديمقراطي”. وعلى الجانب الآخر، كان خصم إيمان مرشح الحزب “الجمهوري” بوب أندروز، يركز على كون إيمان مسلمة، ففي أحد تصريحاته قال إنها “قد تنظر إلى الأمور وتديرها بتركيز كبير على دينها”.
متهما إيمان بأنها “تروج لدينها ولفلسطين على صفحتها بالفيسبوك”. مضيفا: “أعتقد أن ثمة أمورا أكبر وأهم من أجندتها الشخصية. وأريد أن يكون هناك تمثيل للجميع”.
ولا تخفي إيمان رغبتها في رؤية مسلمين أمريكيين يتولون القيادة في المستقبل، وتؤكد أن الإسلام “دين مجتمعي”.
إيمان لم تنس لغتها الأم فهي تتحدث اللغة العربية بطلاقة، وتمارس شعائرها الدينية، وتتمنى أن ترافق مسيرتها باستمرار تقاليدها الدينية مثل شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى.
وتحاول إيمان من خلال تصريحاتها وخطاباتها وحملتها الانتخابية التركيز على الفئات المهمشة الأخرى في المجتمع الأمريكي، وتتحدث في محاضراتها في جامعة “كولورادو دنفر” التي تخرجت منها، بشكل منتظم عن الإسلام وعن الشرق الأوسط.
وفي موقع حملتها الانتخابية عن الحزب “الديمقراطي”، تعرف جودة نفسها بأنها “من الجيل الأول الأمريكي، وأنها ديمقراطية تقدمية، وتدافع عن المجتمع والمعلم”.
وبعد فوزها، أعربت جودة عن شكرها لكل من صوت لها، وقالت: “فعلناها، أنا فخورة بكوني مسلمة وفلسطينية وأمريكية، وبإتاحة الفرصة لي على تمثيل مجتمعي والناس في الهيئة التشريعية لولاية كولورادو، لنبدأ العمل”.
وفازت عضوات الكونغرس الأربع اللاتي يعرفن باسم “الفرقة”، وهن النائبات إلهان عمر من مينيسوتا، وألكسندريا أوكاسيو- كورتيز من نيويورك، ورشيدة طليب من ميشيغان، وأيانا بريسلي من ماساتشوستس، مرة أخرى بمقاعد في مجلس النواب الأمريكي.
ومنذ توليهن مناصبهن قمن بتعزيز القاعدة التقدمية بفضل خبرتهن في وسائل التواصل الاجتماعي، لكنهن أثرن أيضا الجدل، وعلى الأخص بسبب انتقادهن لعلاقة الولايات المتحدة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت النائبتان عمر وطليب من أشد المنتقدين لسياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي قاد وأنصاره من “الجمهوريين” ضدهن هجمة شرسة بدأت منذ اليوم الأول لدخولهن “الكونغرس” ولم تتوقف، فهل تنضم جودة إلى “الفرقة” وتكون عرضة لنيران “الجمهوريين” إلى جانب رفيقاتها؟.. أيام قليلة ويتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود.